الحريري: السوق العربية ضرورة للمستقبل

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أعرب النائب اللبناني، سعد الحريري، زعيم كتلة "المستقبل" التي تقود الأغلبية البرلمانية، عن ثقته في قدرة لبنان على مواصلة النمو وجذب السياح للعام الجاري، رغم الأزمة الاقتصادية العالمية، غير أنه أكد ضرورة استتباب الأوضاع في البلاد واستقرارها كشرط أساسي لذلك.

الحريري، الذي كان يتحدث لبرنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" قال إن بناء سوق عربية مشتركة سيدفع العالم لتغيير نظرته للمنطقة، وتوقع تأخر مشاريع الخصخصة في لبنان إلى ما بعد الانتخابات المقبلة، مشيراً إلى أن الأرقام حول عدد اللبنانيين الذين فقدوا وظائفهم بالخليج غير واضحة بعد.

وعن إمكانية استمرار نمو الاقتصاد اللبناني خلال 2009 قال الحريري: "ما يزال هناك استثمارات في لبنان، وحتى في أسوأ الظروف التي مرت بها البلاد، مثل العام المنصرم، عندما لم يكن لدينا رئيس، حققناً نمواً بنسبة ثمانية في المائة، وشكلت بيروت مقصداً لمليوني سائح تقريباً، ونعتقد أن العام الجاري سيشهد رقماً قياسياً جديداً بعدد السياح."

وأعرب الحريري، وهو أيضاً رجل أعمال يدير مشاريع بمليارات الدولاران حول العالم، عن ثقته بقدرة بلاده على تحقيق نمو بنسبة أربعة في المائة العام الجاري، مشيراً إلى أن توقعاته مبنية على أساس سلامة الوضع المصرفي اللبناني، مع بقاء البنوك المحلية بمنأى عن التورط في سندات الرهن العقاري المتعثرة.

وأضاف: "ما يهمنا بالنسبة للاقتصاد هو الاستقرار في لبنان، لأنه طالما نعمنا بالاستقرار فسنجذب الاستثمارات والأعمال والسياح، وعلى سبيل المثال، ما تزال العقارات في لبنان أرخص منها في دول مجاورة مثل سوريا ومصر، ولذلك فإن هذا يمثل عنصر جذب للمستثمرين."

وعن ما يتردد حول أوضاع الشركات في دول الخليج وإمكانية صرف آلاف اللبنانيين من وظائفهم قال الحريري: "حتى الآن لا نعرف عدد الذين يعودون إلى لبنان، وأظن أن معظم الشركات في الإمارات والسعودية وسائر دول الخليج ستتمسك باللبنانيين حتى النهاية لأنهم الأكثر كفاءة وموهبة بين القوى العاملة هناك."

واعتبر الحريري أن الرصد الأفضل للظاهرة، إذا ما حدثت، لن يكون ممكناً قبل النصف الثاني من 2009.

وتابع: "لكن علينا ألا ننسى أن دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية وقطر والإمارات، ضخت الكثير من فوائضها النفطية في اقتصادها المحلي لإبقاء نشاطه، لذلك من الصعب الحديث عن عودة اللبنانيين من الخليج في هذه المرحلة، لكنني قلق حيال وضع اللبنانيين في دول أخرى، مثل الولايات المتحدة وأوروبا لأننا لا نمتلك الأرقام الدقيقة عنهم."

وأكد الحريري أن لدى المصرف المركزي ووزارة المال في لبنان "الأدوات الصحيحة" على مستوى القرار لمواجهة الأزمة المالية والركود العالمي، ورأى أنهما قاما حتى الساعة: "بعمل ممتاز" كما وضعا مشاريع قوانين ستطرح على المجلس النيابي لمساعدة اللبنانيين العائدين من الخارج على إيجاد فرص عمل في البلاد.

أما عن الخصخصة واحتمال تأخر السير بها قال الحريري إن الخصخصة تواجه عراقيل سياسية محلية وأخرى اقتصادية مرتبطة بالأوضاع الدولية.

وشرح قائلاً: "إذا عرضنا اليوم شبكات الهاتف للخصخصة مثلاً، فلن نحصل على ما كنا سنحصل عليه قبل عامين أو ثلاثة، لكن العملية ككل ما تزال جارية، وأرى أن علينا مواصلة العمل على الخصخصة، وإن كنت أظن أن السير فيها سيتأخر إلى ما بعد الانتخابات." النيابية المقررة في الثامن من يونيو/حزيران المقبل.

وحول تعثر مشاريع إطلاق سوق عربية مشتركة وتحرير التجارة البينية لدول المنطقة، خاصة في ظل عودة السياسات الحمائية قال الحريري: "نتكلم كثيراً عن السوق العربية دون أن نقوم بما يلزم للعمل عليها، ونحن ليس لدينا بعد الجاهزية اللازمة لإقامة سوق عربية."

وأضاف: "ولكنني أرى أنه في المستقبل يجب بناء هذه السوق التي ستجمع 365 مليون عربي، لأنه في نهاية المطاف إذا تحولنا إلى قوة اقتصادية فسينظر العالم إلينا بصورة مختلفة سياسياً."
يذكر أن التقارير الاقتصادية المحلية والدولية ترجح تراجع نمو لبنان عام 2009 من ثمانية إلى ثلاثة وأربعة في المائة، كما تتوقع تأثير الأزمة المالية العالمية على التحويلات التي ترد للبنان من مواطنيه في الخارج، حيث تقدر منظمة العمل الدولية أن اللبنانيين حولوا إلى بلدهم عام 2008 أكثر من ستة مليارات دولار.

ويعمل 400 ألف لبناني في دول الخليج وحدها، مع توقعات بتراجع هذا العدد ما بين 10 و 15 في المائة هذا العام بسبب الأوضاع الاقتصادية في تلك المنطقة.