/الشرق الأوسط
 
الاثنين، 02 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، آخر تحديث 11:01 (GMT+0400)

غموض تأجيل تقرير غولدستون.. اتهامات للسلطة وسكوت الأعضاء

تقرير: عبد الحليم حزّين

غولدستون.. قدم تقريره للمجلس فتأزم وضع السلطة الفلسطينية

غولدستون.. قدم تقريره للمجلس فتأزم وضع السلطة الفلسطينية

دبي، الإمارات العربية المتحدة(CNN)-- بينما كان رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس، ينفي علاقة السلطة بطلب سحب أو تأجيل مناقشة تقرير القاضي ريتشارد غولدستون في مجلس حقوق الإنسان، عبر مندوب قطر في المجلس عن أسفه لقرار السلطة تأجيل المناقشة، معتبراً أن هذا التأجيل فوت فرصة سانحة لإقرار القرار، وفي الوقت نفسه، اتهم رئيس الوزراء في الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة، إسماعيل هنية، عباس بإعطاء الأوامر لسحب التقرير، واعتبر ذلك تفريطاً غير مسبوق بحقوق الشعب الفلسطيني.

تأتي هذه التصريحات المتناقضة لتصب في بحر الغموض والاتهامات المتعلقة بتأجيل النظر في مناقشة التقرير، الذي يتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وربما جرائم ضد الإنسانية في حربها على قطاع غزة، المتواصلة منذ أيام، الأمر الذي وضع السلطة الفلسطينية، وعلى رأسها عباس، في موضع المسؤول الأول والأخير عن القرار.

النتيجة النهائية للمسألة المثيرة للجدل هي تأجيل اتخاذ القرار بشأن التقرير لمدة ستة شهور، وتحديداً إلى شهر مارس/آذار 2010، وهي مدة كافية لتغيير الوضع القائم بزاوية 180 درجة، كما يحدث في العادة في قضايا الشرق الأوسط، خصوصاً وأن غولدستون كان قد أوصى مجلس الأمن برفع الملف إلى مدعي المحكمة الجنائية في حال لم يحرز تقدم خلال ستة أشهر في التحقيقات التي تجريها السلطات الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية.

على أنه برغم الاتهامات للسلطة الفلسطينية من جهات عدة حول مسؤوليتها عن التأجيل، إلا أن أياً من الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان لم يصرح دفاعاً عن السلطة أو يتطرق للضغوط التي تعرض لها المجلس بهدف التأجيل، ربما باستثناء قطر التي اتهمت السلطة بذلك من خلال تصريح تلفزيوني لمندوبها في المجلس.

قطر: التأجيل رغبة فلسطينية محضة

في مقابلة تلفزيونية معه، عبر مندوب قطر في مجلس حقوق الإنسان بجنيف، الشيخ خالد بن جاسم آل ثاني، عن أسفه لقرار السلطة الفلسطينية تأجيل مناقشة تقرير القاضي ريتشارد غولدستون.

وأوضح المندوب القطري أن التأجيل فوت فرصة سانحة لإقرار التقرير، وأن تأجيل مناقشة التقرير كان "رغبة فلسطينية محضة."

منوها أن الجميع في مجلس حقوق الإنسان فوجئوا بعد المفاوضات التنسيقية بين مختلف المجموعات بالمندوب الفلسطيني يتقدم بطلب تأجيل النظر في التقرير إلى الدورة المقبلة لمجلس حقوق الإنسان في مارس/آذار المقبل.

وأضاف، في مقابلة مع قناة "الجزيرة" القطرية، "المندوب تلقى توجيهات مباشرة من طرف السلطة الفلسطينية ممثلة في 'الرئيس' محمود عباس بعدم اتخاذ أي إجراء خلال الدورة المنصرمة وتأجيل التقرير إلى الدورة الثالثة عشرة في مارس/آذار المقبل."

هنية: سحب التقرير تفريط بحقوق الشعب الفلسطيني

ورغم أن التقرير يدينها جزئياً، وترحيبها المتحفظ عليه، فقد شنت حركة حماس هجوماً لاذعاً على السلطة الفلسطينية لمسؤوليتها عن تأجيل القرار، بحسب مصادر الحركة.

فخلال اجتماع للأعضاء المجلس التشريعي في غزة، اتهم هنية رئيس السلطة بالوقوف وراء تأجيل التصويت على تقرير غولدستون حول جرائم الحرب في غزة، معتبراً أن هذا الأمر يشكل تفريطاً غير مسبوق بحقوق الشعب الفلسطيني.

وقال هنية، خلال الاجتماع الذي بث على القنوات التلفزيونية، إن عباس أعطى أوامره لسحب التصويت على القرار، مشيراً إلى أن سحب التقرير يضر بالمصالحة الفلسطينية.

عباس ينفي ويتهم الدول الأعضاء

من جانبه قال رئيس السلطة الفلسطينية في مقابلة مع التلفزيون اليمني، إن السلطة كمراقب ليس لديها الحق في تقديم أو سحب أو تأجيل طلب تقرير غولدستون.

وقال إنه ليس من حق السلطة الوطنية أن تقدم طلب أو تسحب طلب أو تؤجل طلب، "لأننا أعضاء مراقبون في مجلس حقوق الإنسان كما أننا أعضاء مراقبون في الأمم المتحدة"، مضيفاً "طلبنا تشكيل لجنة لإجراء الاتصالات اللازمة مع كل الجهات المعنية لنقول للعالم ما هي حقيقة تأجيل تقرير غولدستون."

وأوضح عباس أنه كانت هناك مجادلات ونقاشات مطولة أدت بالنتيجة إلى "أن الدول الكبرى وهي (الولايات المتحدة، وأوروبا، وروسيا، والصين) وجدت أن هذا الموضوع يحتاج إلى مزيد من البحث فتحاورت فيه مع الدول الإقليمية العربية والإفريقية والإسلامية ودول عدم الانحياز، أي الدول الأعضاء في هذا المجلس وهي 48 دولة تشاورت فيما بينها وتم التوافق إلى تأجيل عرض هذا التقرير إلى شهر مارس/آذار المقبل."

وتساءل عباس قائلاً إن الإعلام العربي والدولي والإسرائيلي حمل السلطة الوطنية المسؤولية "فنحن الذين لا يحق لنا تقديم طلب أو سحب أو إلغاء طلب، فكيف أولئك الذين لديهم الحق بالطلب أو السحب أو التأجيل لم يسمع صوتهم، فهل يعقل أن السلطة الوطنية تجر 48 دولة على موافقة أمر ما من غير موافقتها، علما أننا رحبنا بالتقرير وأيدناه وقلنا يجب أن يصل التقرير إلى آخر مدى."

وأوضح أنه عندما شعرت بعض الدول المعنية بعدم حصول القرار على الأغلبية الضرورية اتفقت على التأجيل "لكن أنا لا يهمني هذا، يهمني أن الجميع وافق، فلماذا الآن يحملوني المسؤولية وللسلطة الوطنية."

أركان السلطة تنفي

قبل ذلك نفى كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، ما تناقلته وسائل الإعلام الإسرائيلية حول قرار السلطة الوطنية بعدم تبني توصيات التقرير.

كذلك أعلن الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة "أن تأجيل مجلس حقوق الإنسان المنعقد في جنيف إصدار قرار بشأن تقرير غولدستون الذي يتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب أثناء عدوانها على قطاع غزة جاء بناء على طلب روسيا وأميركا وأوروبا، وبالتوافق مع الكتل الأخرى في المجلس."

ونفى أبو ردينة ان تكون السلطة الوطنية طلبت سحب أو إلغاء القرار الخاص بتبني مجلس حقوق الإنسان التوصيات التي تضمنها تقرير "غولدستون".

وقال مراقب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف، السفير إبراهيم خريشة، في تصريح لوكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" إن المجموعات الأربع وهي العربية والإسلامية وعدم الانحياز والإفريقية اتفقت بعد المشاورات مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وهي الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين وكذلك دول الاتحاد الأوروبي، إلى الحاجة لوقت أطول لدراسة هذا التقرير بشكل متأن وقانوني.

وأضاف خريشة "أن الجميع أكد أن التقرير موضوعي ومهني وغير متحيز، وبالتالي فإن إرجاء التصويت اتخذ حتى يُصار إلى اتخاذ قرار بالإجماع" معربا عن أمله بان يكون الإجماع على هذا القرار في الجلسة المقبلة "لأننا نريد أن نستفيد بشكل كبير مما جاء بالتقرير من خلاصات واستنتاجات موضوعية."

كذلك أعلن السفير الباكستاني، زامير أكرم، أن واضعي المشروع قرروا سحب مقترحاتهم "لإفساح المجال أمام دراسة معمقة وشاملة لتقرير بعثة التحقيق."

ردود الفعل الفلسطينية

إلى جانب رد الفعل الذي عبرت عنه حركة حماس، تمحورت ردود الفعل الفلسطينية والعربية الحزبية والشعبية حول شجب قرار التأجيل وإدانته واستهجانه.

واعتبرت "أن طلب تأجيل البت بالتقرير خدمة مجانية للسياسية العدوانية لحكومة إسرائيل وإجازة مرور لدولة إسرائيل لممارسة الجرائم ضد الشعب الفلسطيني والتحضير لعدوان جديد يمكن أن يطال بآثاره المدمرة كلا من لبنان الشقيق وقطاع غزة الباسل" كما صرح تيسير خالد، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، والمكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.

بينما اعتبره ناطق باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "تصرفاً غير مسؤول ... وينطوي على إساءة بالغة لنضال شعبنا ولكل من ساهم ويساهم في دعم هذا النضال وكشف حقيقة الاحتلال وانتهاكاته المنهجية والمنظمة لحقوق الإنسان الفلسطيني"، كما أفادت صحيفة الحياة الجديدة الفلسطينية.

advertisement

أما أمين عام حزب الشعب الفلسطيني، بسام الصالحي، فدعا اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير إلى عقد اجتماع طارئ للتباحث فيما أشيع عن قيام سفير فلسطين في جنيف بمطالبة لجنة حقوق الإنسان تأجيل البحث في التقرير، واصفا الأمر بأنه خطير.

وقال أمين عام المبادرة الوطنية، مصطفى البرغوثي: "إن هناك غالبية مضمونة في مجلس حقوق الإنسان لإدانة إسرائيل ونحن نستهجن تأجيل إصدار قرار حول تقرير غولدستون."

© 2010 Cable News Network LP, LLLP. A Time Warner Company. All Rights Reserved.