مات ديمون ومورغان فريمان في لقطة من الفيلم

الرباط، المغرب (CNN)-- بعد إشباع رغباته كممثل، يواصل السينمائي الأمريكي كلينت إيستوود مغامراته وراء الكاميرا بفيلم  INVICTUS، الذي يجمع بين قطبين كبيرين في هوليوود هما مورغان فريمان ومات ديمون في عمل يستعيد مخاض بناء أمة جديدة بجنوب إفريقيا تقطع مع عهد الفصل العنصري.

تكمن أصالة الفيلم في مقاربته لموضوع سياسي شديد الحساسية يتعلق بالنضال من أجل إنهاء نظام التمييز العنصري بجنوب إفريقيا من زاوية لم يتم التطرق لها تقليديا في السينما العالمية، هي قصة رهان الزعيم نيلسون مانديلا، الذي يجسد دوره المخضرم المتألق فريمان، على الرياضة كواجهة لإعادة جمع شتات المجتمع وسد الفجوات والانقسامات التي كرستها حقبة التمييز العنصري.

يبدو الفيلم من هذه الزاوية مكملا لأجواء فيلم كلينت إيستوود Million dollar baby  الذي حاز على أوسكار أحسن فيلم عام 1994. ففي هذا الأخير تبدو الرياضة سبيلا لتحقيق الذات الفردية وإيجاد موقع داخل المجتمع، بينما تعد الرياضة في INVICTUS سبيلا لتحقيق الذات الجماعية وتعزيز الهوية الوطنية الجريحة.

الفيلم بسيط من الناحية السردية، بدون انعطافات أو توترات كثيرة لإبراز الطاقات الإبداعية لممثلين من حجم فريمان وديمون، غير أن ذلك لم يحل دون الاستمتاع بالتقمص الحركي البارع الذي أبداه فريمان في جلد مانديلا، وبالتوتر الداخلي لمات ديمون، في دور فرانسوا قائد المنتخب الجنوب إفريقي للرغبي.

لقاء بين مانديلا وفرانسوا سيتحول إلى ميثاق لربح رهان يهم ملايين الجنوب أفريقيين.

"هل يمكن لنا أن نفوز بكأس العالم للرجبي؟" حلم غير واقعي بالنظر إلى تواضع مستوى الفريق قياسا إلى عمالقة استراليا ونيوزيلندا وانجلترا، لكنه سيتحول إلى حقيقة بفضل الإرادة القومية لزعيم حول ثقته وتفاؤله إلى محيط الفريق.

وبينما يتقدم الفريق نحو تحقيق الحلم، تكون حواجز كبرى قد تحطمت أمام حلم مانديلا: الأسرة البيضاء لم تحجز تذاكرها الأربعة المعتادة لمشاهدة المباراة، بل أضافت خامسة للخادمة السوداء، عناصر الشرطة البيض الذين يتابعون المباراة داخل سيارتهم رحبوا بمشرد أسود ليشاركهم فرحة الفوز، والكأس رفعته أياد بيضاء وسوداء عكست الألوان الجديدة لجنوب إفريقيا.

كلينت استوود، القناص البارع للحكايات المثيرة، استلهم فيلمه من كتاب صدر عام 2008 بعنوان "اللعب مع الخصم: نيلسون مانديلا واللعبة التي صنعت أمة" للصحفي الجنوب إفريقي، جون كارلين، الذي جاور الزعيم الأفريقي عن قرب خلال التسعينات.

مخاض سنوات قدمه المخرج بسلاسة ملفتة، بأجواء حوارية بسيطة لكن قوية بمثاليتها الإنسانية.