CNN CNN

الملايين على عرفة ومكة تتحدث بكل اللغات

اشترك بالمتابعة: هديل غبوّن
الثلاثاء، 14 كانون الأول/ديسمبر 2010، آخر تحديث 12:00 (GMT+0400)
المسجد الحرام وقد اصطف فيه الحجاج للصلاة
المسجد الحرام وقد اصطف فيه الحجاج للصلاة

مكة، المملكة العربية السعودية(CNN) -- تجمع أكثر من 1.8 مليون حاج مسلم قدموا من مختلف أنحاء العالم، عدا الحجاج من داخل الأراضي السعودية في مكة الاثنين في يوم وقفة عرفة، الذي يعتبر أول أيام الحج.

وكان الحجاج يرددون "لبيك اللهم لبيك.. لا شريك لك لبيك" أثناء تصعيدهم إلى عرفات.

وقال وزير الداخلية السعودي، الأمير نايف بن عبدالعزيز، الذي يشرف على موسم الحج لهذا العام، إن حجاج هذا العام يشكلون العدد الأكبر للحجاج في موسم واحد، و"أنه أكبر رقم يتم تسجيله."

بالإضافة إلى الحجاج القادمين من مختلف دول العالم، يشارك في موسم الحج الحالي 1.6 مليون حاج من داخل الأراضي السعودية، من السعوديين والمقيمين، ليصل بذلك عدد الحجاج لهذا الموسم إلى 3.4 مليون حاج، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء السعودية، مشيرة إلى أن الحجاج وصلوا الأراضي المقدسة من 181 دولة.

وأشارت الوكالة إلى مشاركة نحو 180 ألف حاج من 46 دولة إفريقية غير عربية، يتحدثون أكثر من 17 لغة أبرزها العربية والإنجليزية والفرنسية والبرتغالية والهوسا واليوربة والفلاتة والمادنقو والولف والسوسو والسواحلية والأمهرية والملاجاس والفولانية والسامبا والبورندية والأسبانية.

كما أشارت إلى مشاركة أكثر من 300 إعلامي ومثقف من مختلف أنحاء العالم في تغطية موسم الحج الحالي.

المشاهدات

ازدحمت عشية يوم الثامن من ذي الحجة شوارع مدينة مكة المكرمة بجحافل الحجيج المتوجهين الى مشعر منى قبيل يوم الوقوف بجبل عرفات اليوم الاثنين ، تطبيقا للسنة النبوية  في تأدية مناسك فريضة الحج في يوم ما يعرف بيوم التروية ، وسط حالة ايمانية ظهرت على وجوه الحجيج من مختلف بقاع الارض ، تشابكت ايضا مع حركة مزدهرة من التجارة لا تتكرر سوى في موسم الحج من كل عام.

ومع استكمال وصول ما يزيد عن مليون و700 الف حاج من خارج الاراضي السعودية اضافة الى مليون حاج من الداخل بحسب مصادر رسمية سعودية، اكتظت الشوارع والازقة المؤدية الى الحرم المكي منذ ايام بجموع الحجيج متأهبين للتوجه الى منى وفي مقدمتهم عدد من البعثات القادمة من جنوب اسيا وشرقها ، فيما اتجهت بعض البعثات العربية فجر اليوم صعودا الى عرفات مباشرة لتستقر هناك. 

ووسط فيض الاجواء الروحانية التي  ظللتها إقامة الصلوات الخمسة في الحرم المكي  ترافقت مع رقابة أمنية مشددة، وصلت شوارع المدينة المقدسة الليل بالنهار سهرا لاستقبال ضيوفها الحجيج وتقديم الخدمات اللازمة لهم، فيما انتعشت الحركة التجارية الداخلية وفاضت جوانب الطرقات ببعثات الحجيج ممن جاء بعضهم  للتجارة.

ولم يحل اختلاط اللهجات وتشابكها  دون انصهار تلك الوفود وتآلفها في مشاهد رحمانية اجتمعت على أداء مناسك فريضة الحج و أداء العبادات وتلاوة القرآن  بألسن أعجمية ، وهو ما اعتبرته  الحاجة أسماء وهي باكستانية  الاصل القادمة من الولايات المتحدة برفقة زوجها البريطاني، حالة تجتمع فيها أمم العالم في بقعة واحدة " امتثالا لاوامر الله وطاعته ورسوله محمد.

وقالت أسماء التي كانت بين نحو مليون مصل أدوا صلاة الجمعة المنصرمة في الحرم المكي ، لسي ان ان العربية انها "تشعر برهبة ايمانية عارمة" وهي تشاهد تجمع ملايين البشر  ، رغم عدم تحدثها للغة العربية لغة القرآن الذي تقرأه "حرفيا دون ان تفهمه" بينما تلجا لقراءة الترجمة الانجليزية لفهم معانيه ." بحسب قولها.

وتتزايد فرحة أسماء التي عاشت في بريطانيا ودرست فيها في موسم الحج ، بلقائها شقيقتين لها تعيشان في بريطانيا لم ترهما منذ عامين ، قدمتا مع زوجهما لاداء فريضة الحج أيضاً.

وتعتبر البعثات الاسيوية والقادمة من افريقيا الاكبر من حيث اعداد الحجيج ، استنادا الى تقسيم حصص الحجيج بين الدول والتنسيب بالف حاج من كل مليون حسب مصادر رسمية عديدة ، وتتغير ملامح  شوارع المدينة التي يفترش فيها الحجيج من غير الميسورين الارض  وفي ساحات الحرم المكي ملتحفين السماء في انتظار  يوم عرفة .

وتشهد مكة بالتوازي مع ذلك حراكا تجاريا غير مسبوق ، تقوده الجاليات الاسيوية المقيمة في المدينة او من تلك التي تتوافد الى مكة كل موسم حج ، وهو ما اكدته عائشة 16 عاما  القادمة من نيجيريا ولا تتقن العربية من خلال احدى بعثات المدارس الاسلامية للحج وللعمل في وقت واحد.

وتمتاز البعثة النيجيرية بحسب مشاهدات السي ان ان العربية بتنوع تركيبها وفقا للولايات القادمة منها ، حيث لا يتكلم البعض منهم العربية بالمطلق ، فيما اكتسبها البعض الاخر منذ هجرته الى السعودية كما هو حال زبيدة 25 عاما التي حضرت برفقة والديها ، وتنضم الان الى جماعات عديدة تعمل في اعداد الاكلات الشعبية للجالية النيجيرية وتتمركز أمام مقرات بعثاتها على مدار الساعة.

تقول زبيدة المتزوجة خلال تواجدها أمام مقر إحدى البعثات في شارع ابراهيم الخليل المؤدي الى الحرم المكي ، إنها اعتادت على استثمار موسم الحج للعبادة وللتجارة في وقت واحد ،  موضحة ان لجوءها وعشرات النيجيريين المقيمين الى طبخ "طبق المديد" المكون من اللبن والعجين او المعكرونة " وتقديمه الى الحجاج بأسعار زهيدة تصل بمبلغ ثلاثة ريالات سعودي ( ما يقل عن دولار امريكي ) ، يأتي في سياق خدمة حجيج بيت الله الحرام  خاصة أنهم يفضلون تناول أكلات بلادهم " بحسبها.

ورغم الاكتظاظ الذي يسببه افتراش الباعة للارصفة في موسم الحج ، بيد أن تضاعف الطلب على الخدمات وحاجة الحجيج لبعض المستلزمات والاكلات التي لا تتوفر في غير موسم الحج يعتبر  عاملا مساعدا لخدمة الحجاج وتخفيف الضغط على السلطات السعودية التي لا تضايق هؤلاء الباعة ، بحسب زبيدة.

وتضيف زبيدة التي ترتدي النقاب وتعلمت اللغة العربية  خلال عيشها في مكة ، أنها تفرح بقدوم موسم الحج الذي يساعدها على انعاش حالتها الاقتصادية  ،  من دون ان تنسى أداء فريضة الحج التي لا تحتاج الى تصريح باعتبارها مقيمة لتكون بالنسبة لها لهذا العام المرة الخامسة.

وتنتشر الى جانب محلات مستلزمات الحج وهداياه بسطات الباعة المتجولين  من الرجال والنساء  غالبيتها من جنسيات اسيوية ، ويتهاتف الحجيج على اقتناء المسابح وسجادات الصلاة والتمور ، إضافة الى اقتناء قوارير ماء زمزم الذي يمكن لاي حاج تعبئته من ينابيعه في الحرم المكي.

الى ذلك ، تشهد ايام شهر ذي الحجة ازدحاما شديدا وضغطا كبيرا على وسائل النقل  ، ما يدفع الحجيج الى اللجوء لركوب السيارات الخاصة للعمالة الوافدة في الوقت الذي تغلق فيه السلطات السعودية الشوارع المؤدية الى الحرم المكي ، قبل كل صلاة بوقت وجيز  عند نقاط محددة  كالجسور والانفاق ، حيث يكمل الحجيج سيرهم على الاقدام نحو الحرم بمسافات تترواح تصل الى 6 كيلومترات.

وفي الوقت الذي يواصل  فيه الحجيج صعودهم  اليوم الاثنين الى جبل عرفات ( على بعد  ما يقارب 20 كيلومتر ) عن المسجد الحرام في مكة حيث تستقر البعثات كاملة مع دخول وقت الظهيرة على عرفات ، فيما تعود مع غروب شمسه الى مشعر المزدلفة ومن بعدها الى مشعر منى لرمي الجمرات يوم العاشر من ذي الحجة.

ويمتاز موسم الحج لهذا العام بتدشين قطار سمي بـ"قطار المشاعر" الذي يربط مشاعر منى ومزدلفة وعرفات لتفويج  الحجيج للمرة الاولى،  لتخفيف الازدحام يوم النفرة من عرفات الى المزدلفة  بكلفة تقدر بستة مليارات ريال سعودي ، فيما  تتبع وزارة الصحة السعودية خطة مزدوجة للتعامل مع رصد الاوبئة تسبق موسم الحج وخلاله.

وفي السياق ، قال المتحدث الرسمي لوزارة الصحة السعودية الدكتور خالد مرغلاني في تصريحات خاصة لسي ان ان العربية ان الخطة الوقائية تبدأ بعد كل موسم حج للذي يليه من خلال التنسيق مع منظمات الصحة الدولية من خلال ما يعرف بالاشتراطات الصحية التي يتم فرضها على كل دولة.

وبين ان الشهادات الصحية التي تطلب من كل حاج بحسب الاوبئة المنتشرة في بلاده تعتبر علاجا وقائيا يسبق موسم الحج ، فيما تطبق الوزارة خطة انية على المداخل والمعابر الحدودية وتترقب اية حالات تسمم جماعية خاصة في الاماكن المزدحمة ، واشار الى ان انه للان لم يتم رصد اي وباء باستثناء حالتين.

وحول قضية افتراش الحجاج للموقع المختلفة ، بين المرغلاني ان بعض حالات الافتراش لا تؤثر على الحالة الصحية للاماكن فيما اوضح ان الافتراش يمنع منعا باتا على جسر الجمرات.

واكتسى مشعر منى بحلة بيضاء استعداد لاستقبال ضيوف عرفة، فيما السلطات السعودية الى اقصى جاهزيتها لتامين السلامة العامة للحجيج في مختلف المشاعر،  وعملت السلطات السعودية على تنظيم حركة المرور قبل أيام عديدة على الطرق الخارجية المؤدية الى العاصمة المقدسة بحسب قائد القوة الخاصة لأمن الطرق في منطقة مكة المكرمة العقيد الركن حسن الشبلان في تصريحات لـCNN بالعربية.

واشار الشبلان الى ان ادارة القوة الخاصة عملت خلال الاسابيع الماضية على مراقبة المداخل الرئيسية للعاصمة مشيرا الى ان معدل الحركة اليومية على المداخل وصلت الى 400 الف رحلة يوميا  من كافة الاتجاهات وتحديد رحلات الحجيج من خارج المملكة ، فيما يتوقع ان يشهد اليوم مزيدا من الرحلات الخاصة بحجاج الداخل.