/الشرق الأوسط
 
الثلاثاء، 17 آب/اغسطس 2010، آخر تحديث 22:00 (GMT+0400)

الحريري: روح والدي لن تكون سبباً لتجدد الفتنة بلبنان

الحريري كان قد تعرض للاغتيال عام 2005

الحريري كان قد تعرض للاغتيال عام 2005

بيروت، لبنان (CNN) -- رفض رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الدين الحريري، المساومة على المحكمة الدولية التي تنظر في اغتيال والده عام 2005، ورد على المواقف الأخيرة المشككة فيها للأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، دون أن يسمه، عبر الدعوة إلى "وقف التهويل" ضدها، خاصة بعد الحديث عن عزمها توجيه اتهامات بالقضية لعناصر من الحزب.

وأعاد الحريري، في كلمة ألقاها السبت بافتتاح أعمال مؤتمر تيار المستقبل الذي يقوده، التأكيد على أن المحكمة "جزءٌ لا يتجزأ من قرارات الحوار الوطني اللبناني، ومن البيانات الوزاريّة للحكومات المتعاقبة والقمم العربيّة التي قاربت هذه المسألة،" بعدما نفى نصرالله مؤخراً أنه يكون قد تعهد باحترام المحكمة، وأكد أن روح والده "لن تكون سبباً لتجدد الفتنة في لبنان."

وقال الحريري: "هناك من يتصوّر، أو يتخوّف، أو يهوّل، أو ربما يتمنى، أن تكون قضية اغتيال الرئيس الشهيد، سبباً في اندلاع أزمةٍ لبنانية أو فتنةٍ مذهبية، ونحن نقول، بكل صدق وأمانة ومسؤولية، أن لا مكان في قاموسنا الوطني لهذه المخاوف والادعاءات أو حتى التمنيات، وأننا لا نبني أحكامنا أو وجهة نظرنا، على أية معلومات أو وقائع موجودة في عهدة التحقيق بجريمة الاغتيال."

وشدد الحريري على أن القضية بالنسبة له: "مبدئية ولا ترتبط بمسار التحقيق،" وتابع: "لا أريد أن أقول لكم أننا في منأى عن العاصفة، وأنا أرى يومياً بأم العين، حجم التحديات، لكنني أريد أن أؤكد لكم، أن العاصفة التي لم تتمكن من القضاء على مشروع رفيق الحريري في الحياة الوطنية اللبنانية، لن تتمكن لا اليوم ولا غداً من اغتيال رفيق الحريري مرةً ثانية."

وأضاف: "الظلم وقع علينا قبل اغتيال الرئيس الشهيد، وهو استمرّ بعد تنفيذ جريمة الاغتيال، وهناك محاولات لتكرار الظلم، وتنظيم حملات من شأنها إثارة البلبلة والقلق في نفوس المواطنين، ونحن من جهتنا، ندعو إلى التهدئة والابتعاد عن الانفعال، والتزام الآداب السياسية والوطنية التي تعلمناها في مدرسة رفيق الحريري".

وكانت أوساط تيار المستقبل قد نفت ما جاء في خطاب نصرالله، حول قيام الحريري بإطلاعه على قرب إصدار قرار ظني من المحكمة الناظرة باغتيال والده، رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، تشير إلى ضلوع عناصر من الحزب بالعملية.

بالمقابل، استمر هجوم القوى المتحالفة مع حزب الله على المحكمة التي سبق لنصرالله أن وضعها في إطار "المؤامرة الإسرائيلية، بينما برزت أصوات تحذر من عودة الانقسام المذهبي الذي قاد إلى مواجهات مايو/أيار 2008، التي انتهت بسيطرة حزب الله الشيعي على أحياء سنيّة في العاصمة اللبنانية.

وكان الحريري قد ترأس الجمعة اجتماعاً لكتلة "المستقبل" تم خلاله عرض لمجمل التطورات السياسية في البلاد. وأكد عضو الكتلة، النائب عمار حوري، أن "الحريري لم يبلغ نصر الله بمضمون القرار الظني الذي سيصدر عن المحكمة الدولية بشأن اغتيال والده وإنما تطرق معه إلى المعلومات الإعلامية المتداولة بشأن هذا القرار."

وتابع حوري قائلاً: "أوضح لنا رئيس الحكومة أنه تكلم مع نصر الله في المعطيات المتداولة إعلامياً عن القرار الظني، وغير صحيح أنه أبلغه بمضمونه". وتابع حوري أن "الحريري ذكّر نواب كتلته بأن التحقيق الدولي لم يستبعد الفرضية الإسرائيلية عن الاغتيال"، ولفت إلى أن "(المحقق الدولي السابق سيرج) براميرتس تكلم عن فرضية الاغتيال بصاروخ أطلق من الجو بما يعني إسرائيل."

من جانبه، قال منسق الأمانة العامة لقوى "14 آذار" التي تمثل الغالبية النيابية في لبنان، فارس سعيد، أن ما يطلبه نصر الله من 14 آذار "هو الاستسلام وليس المراجعة، الاستسلام للمنطق القائل بأن المحكمة الدولية هي محكمة إسرائيلية"، ورأى أن "تصنيف اللبنانيين على أنهم إسرائيليون إذا كانوا يطالبون بالحقيقة والعدالة، ووطنيون إذا كانوا ينسفون منطق الحقيقة والعدالة، هو منطق مرفوض".

وأعرب سعيد عن اعتقاده بأن "نصر الله بدا في هذا الخطاب مربَكاً لأنه يعتبر أن هندسة المصالحة اللبنانية - السورية تحت عباءة السعودية يربكه."

وكان نصرالله قد أدلى بخطاب مطول الخميس، أكد فيه رفضه اتهام أي أفراد من الحزب بالتورط في جريمة اغتيال الحريري، ووصف قرار الاتهام الذي من المتوقع أن تعلنه لجنة التحقيق الدولية قريباً، بأنه "تم اتخاذه مسبقاً"، كما تحدث عن مرور لبنان بما وصفه بـ"مرحلة حساسة ودقيقة للغاية."

وكشف نصر الله أن رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، أبلغه قبل زيارته الأخيرة للعاصمة الأمريكية واشنطن، بأن لجنة التحقيق، التي يرأسها القاضي الكندي، دانيال بلمار، قد تصدر قراراً يتهم أفراداً من حزب الله، مشيراً إلى أنه جرى الحديث على اعتبار هؤلاء الأفراد "غير منضبطين"، وأن يعلن الحريري، من جانبه، أن الحزب ليس له علاقة باغتيال والده.

وأكد نصر الله، في مؤتمر صحفي طارئ عقده بالعاصمة اللبنانية بيروت مساء الخميس، أن "كل المعطيات التي توافرت لدى حزب الله، حتى قبل استدعاء شبابنا للتحقيق، تشير إلى أن هناك قرار ظني (اتهام) قد كُتب، ولكن تأجل إعلانه بسبب التوقيت السياسي، وليس بسبب المضمون، لأن المضمون كُتب منذ وقت طويل."

وقال الأمين العام للحزب: "نرفض رفضاً قاطعاً الإشارة إلى حتى نصف فرد من حزب الله"، معتبراً أن "هناك مشروع جديد يستهدف المقاومة بشكل مباشر، ومن خلال استغلال قضية محقة وعادلة وعاطفية، يُجمع عليها اللبنانيون، وهي قضية اغتيال الحريري."

advertisement

وتابع في هذا الصدد: "لقد استُخدمت المحكمة لاستهداف سوريا، ثم لاستهداف حلفاء سوريا في لبنان، والآن المطلوب هو استهداف المقاومة، بما يخدم المشروع الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة"، مشيراً إلى أن البعض بدأ يتحدث عن "سيناريوهات الوضع اللبناني ما بعد صدور القرار الظني"، متضمناً اتهامات لأفراد من حزب الله.

يُذكر أن الحريري تعرّض للاغتيال في مرحلة ظهر فيها تباين سياسي بينه وبين دمشق، التي كانت تحتفظ بتواجد عسكري في لبناني، ما دفع الكثير من القوى إلى اتهامها بالوقوف خلف مقتله.

© 2010 Cable News Network LP, LLLP. A Time Warner Company. All Rights Reserved.