CNN CNN

ثقافة "الألتراس" تغزو المدرجات العربية

تقرير: مهند صالح
السبت، 29 كانون الثاني/يناير 2011، آخر تحديث 14:00 (GMT+0400)
 
الألتراس ثقافة تغزو المدرجات العربية
الألتراس ثقافة تغزو المدرجات العربية

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لا تنحصر المنافسة بين اللاعبين على أرضية الملعب بل هناك حرب أخرى تدور رحاها في المدرجات بين جماهير الطرفين عبر ما يسمى "الالتراس" Ultras.

منذ انتشارها في المدرجات العالمية شكلت ظاهرة "الالتراس" Ultras طفرة نوعية في كيفية وطريقة تشجيعها للفرق حيث يمكن وصفها على أنها جماعة من الجمهور الكروي متعصبة لفريقها ولها طقوسها وعاداتها الخاصة في تشجيع الفريق.

واختلفت التعريفات لهذه التسمية، حيث يدل المعنى العلمي لكلمة "التراس" وهي لاتينية الأصل بـ"الأمر المطلق"، ويعرفها مشجعو الكرة بأنها "عبارة تدل على المجموعات (أشبه بالتنظيمات السرية) التي تعرف بانتمائها وولائها الشديد لفرقها وتتواجد في المدرجات لتصنع لوحات من الإبداع من خلال استعراض الألوان والأعلام والأهازيج، وبذل الغالي والنفيس من أجل الفريق والوقوف إلى جانبه في السراء والضراء داخل ملعبه وخارجه طوال 90 دقيقة كاملة من عمر المباراة."

وتميل هذه المجموعات إلى استخدام الألعاب النارية أو "الشماريخ" كما يطلق عليها في دول شمال أفريقيا، وأيضا القيام بالغناء وترديد الهتافات الحماسية لدعم فرقها، كما يقوم أفراد وعناصر الألتراس بتوجيه الرسائل إلى اللاعبين وتقوم هذه المجموعات بعمل "دخلات" خاصة في المباريات الهامة وكل ذلك يضفي البهجة والحماسة على المباريات الرياضية وخاصة كرة القدم.

بدايات الألتراس

الظاهرة التي أحدثت ثورة في عالم التشجيع ولدت في المجر عام 1929 بعد أن قام مناصري نادي "فرنسفاروش" بتأسيس رابطة للمشجعين كان مقرها مكتب صغير قرب ساحة جوزيف، لتنتقل العدوى إلى أميركا الجنوبية عبر بوابة البرازيل حيث نشأت أول "التراس" باسم "تورسيدا" في أربعينيات القرن الماضي لتكسر حاجز التشجيع الكلاسيكي السائد في تلك الفترة.

وبعد ذلك توالى ظهور "الالتراس" في قارة أوروبا عبر جماهير نادي "هايدوك سبليت" اليوغسلافي (في ذلك الحين) عام 1950، وجماهير تورينو في إيطاليا لكن بشكل أكثر تنظيما، بينما يعود الفضل في إدخال ثقافة "الالتراس" إلى فرنسا إلى جماهير مرسيليا عبر "التراس كوماندو أولمبيك مرسيليا."

الألتراس العربي

عربياً ظهرت "الألتراس" في تونس عام 1995 عبر "الافريكان وينرز" للنادي الأفريقي بعد أن استمرت في مساندة الفريق رغم النتائج السيئة، وتعد تونس الأبرز عربياً على صعيد "الألتراس" لتنتشر بعد ذلك الظاهرة كما النار في الهشيم في مدرجات شمال إفريقيا مع بداية الألفية الجديدة.

وكان شرف الريادة في إدخال عقلية "الألتراس" إلى عرب آسيا لجماهير الوحدات الأردني عبر "ألتراس جرينز" عام 2008.

ورغم عمرها القصير إلا أنها خطت خطوات عملاقة ساهمت بنقل التجربة لجمهور الكرامة السوري من خلال رابطة "بلو صن"، بل حتى أثمر تعاون جماهير الوحدات مع جماهير نادي شباب الخليل عن ولادة أول "ألتراس" في فلسطين وهي رابطة "التراس خليلي"، في حين مازالت المدرجات الخليجية خالية من هذه المجموعات وإن كانت هناك محاولات لكنها لم ترى النور بشكل رسمي بعد.

لغة الألتراس

وتعاني الألترات العربية من عوائق عدة لعل أبرزها الدعم المادي والصدامات مع الأمن، بحيث تحتاج عمليات التخطيط والتنفيذ إلى الأموال التي تخرج معظمها من جيوب مناصري الفريق دون دعم النادي، أضف إلى ذلك مواجهات الأمن باستمرار وذلك بمنعهم إدخال أدوات التشجيع (الأعلام واللوحات الضخمة وغيرها) بحجة افتعال الشغب في المدرجات، ما دفع هذه الجماهير بإطلاق لقب موحد لقوات الأمن وهو ACAB أي All Cops Are Bastards والتي تعني أن كل رجال الأمن أنذال باعتبارهم العدو الأول "للألتراس."

وتستخدم "الألتراس" مصطلحات خاصة بها وهي في الغالب أجنبية لا يفهمها إلا "أصحاب المهنة"، نجد منها مصطلح "الباتش" أي "اللوغو" الخاص بـ"الألتراس" وهو عبارة عن لافتة يصل طولها إلى 10 أمتار أحيانا تحمل شعار المجموعة وألوان الفريق، ويتم اختيار الشعار بعناية من قبل الأعضاء ويعلق بالمدرجات للتعريف بهم، ومصطلح "التيفو" وهي كلمة ايطالية تعني المشجع وهي عبارة عن دخلة تقوم بها مجموعة لتعبر عن رأي أو فكر وغالبا تكون في بداية المباراة.

منافسة الألتراس

وتتنافس "الألتراس" فيما بينها لإبراز أفضل ما عندها من إبداعات وأحيانا تستخدمها للتهجم على الفريق الخصم، تماماً كما فعلت "ألتراس أهلاوي" التابعة لجماهير الأهلي المصري حين تهجمت على غريمهم التقليدي نادي الزمالك في مباراة سابقة تضمنت مقارنة بين تاريخ تأسيس الناديين والارتباطات الوطنية.

ولا أحد ينكر دور "الألتراس" في إضفاء نكهة خاصة في التشجيع الحضاري وإعادة الروح إلى المدرجات التي كان يخيم عليها السكون.

وفي المقابل تسلك هذه المجموعات طرق قاسية في التشجيع خصوصا إذا كانت الفرق المتبارية تملك قاعدة جماهيرية كبرى حيث ينجرف البعض إلى استفزاز جماهير الخصم ليردوا عليهم بطرق غير مدروسة في بعض الأحيان مما ينتج عنه دمار إن صح التعبير في ملكيات الغير، كما هي العادة في "ديربيات" الكرة العربية التي تنتهي بالعنف والشغب أحيانا.