CNN CNN

مصر: "الأخوات المسلمات" أكثر تفاؤلا ونشاطا

الخميس ، 07 شباط/فبراير 2013، آخر تحديث 15:36 (GMT+0400)
مكاسب للأخوات المسلمات في مصر
مكاسب للأخوات المسلمات في مصر
 

القاهرة، مصر (CNN) -- عندما ترجلت إيمان عبدالله من سيارة أجرة بحي الهجانة الفقير في العاصمة المصرية القاهرة سارع الناس لملاقاتها فرحين وعلت أصوات الزغاريد التقليدية، التي يعبر بها المصريون عن فرحهم.

وقالت سيدة تدعى سعاد بخيت وهي أم لأربعة، ضمن الجموع "يا ألف مرحبا، دا إحنا زارنا النبي."

وهي تحمل على كتفها الأيسر طفلا يبدو أنه يعاني سوء التغذية، فتحت بخيت ذراعيها لاحتضان الزائرة المألوفة، بينما وقف ثلاثة أطفال حفاة في المدخل ينظرون بفضول إلى إيمان عبد الله وهي تشق طريقها إلى منزلهم ذي الغرفة الواحدة.

وبالنسبة للعائلات المحرومة في هذا الحي الذي يعد من أفقر المناطق في القاهرة، فإن زيارة امرأة في الحجاب الإسلامي التقليدي والثوب الطويل، تعني انهم لن يضطروا إلى النوم لا يلوون إلا على بطن خاوية، على الأقل، ليس في تلك الليلة.

أما إيمان عبد الله، فهذه الزيارة هي واحدة من مهماتها الخيرية، كجزء من عملها بصفتها عضواً في "الأخوات المسلمات،" وهي الذراع النسائية لتنظيم الإخوان المسلمين، اكبر جماعة معارضة في مصر، فهي تزور الهجانة على الأقل مرتين في الشهر لتوزيع مواد الإغاثة على العائلات المحتاجة في هذه المناطق المهملة منذ فترة طويلة.

وتقول إيمان وهي تفتح كيسا مليئا بالمواد الإغاثية، "أعمل في مجال الأعمال الخيرية منذ أن انضممت إلى المجموعة منذ 17 عاما عندما كنت طالبة في جامعة الأزهر."

والكيس ذاك يحوي الدجاج المجمد، وكيلوغراما واحدا من السكر وكيسا من الأرز والدقيق وكيس عدس، وتقول إيمان "إن محتوياته ليست كثيرة.. ولكن آمل أن أعود بأكثر من هذا قبل شهر رمضان."

وشهر رمضان الذي يحل بعد نحو أسبوع، يعد موسما تقليديا لإخراج الزكاة، وبالنسبة لعائلة سعاد بخيت، فإن الصدقات سبيلها الوحيد للبقاء، لأن زوجها عاطل عن العمل ويعاني من إصابة في الظهر.

وتقول بخيت إن المساعدات "سوف تقلل بالتأكيد من معاناة الجوع الذي تحمله أولادها لعدة أيام الآن،" بينما تضيف إيمان أن "الناس في هذا الحي بحاجة إلى الضروريات الأساسية.. إنهم منسيون في الأحياء مثل الهجانة لفترة طويلة.. لهذا السبب ثار الناس في مصر."

ومضت تقول "الانتفاضة الجماهيرية في يناير/كانون الثاني كانت من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية واستعاد الناس مرة أخرى لكرامتهم."

ولسنوات، فاز تنظيم الإخوان بقلوب فقراء مصر والطبقة العاملة بسبب الأعمال الخيرية في تقديم العديد من الخدمات التي أخفقت الحكومات السابقة في توفيرها. كما أن النساء في الجماعة هن الأكثر مشاركة في العمل الخيري لهذه الحركة، التي كانت محظورة في مصر تحت حكم الرئيس السابق حسني مبارك، إذ كانت ترفع طويلا شعار "الإسلام هو الحل."

وقد شملت أعمال الجماعة تنظيم العمل الاجتماعي على نطاق ضيق وجمع وتوزيع الصدقات وبناء المساجد والمصانع، كما أنشأت المؤسسات الخيرية مثل المستشفيات والصيدليات والعيادات التي تلبي احتياجات المجتمع والطبقة المنسية.

والجمعيات الخيرية تستمر في جذب مجندين جدد من الشباب في جميع أنحاء البلاد، خصوصا الشباب العاطلين عن العمل، ما سمح للحركة باكتساب القوة تدريجيا رغم قمع النظام لسنوات طويلة.

وتعد الجامعات والمساجد أماكن مهمة، حيث أعضاء الجماعة يبحثون عن مرشحين محتملين للانضمام لهم، وتقول إيمان لشبكة CNN "نحن نتطلع لتعزيز الذات ومهارات القيادة في أعضائنا الجدد."

وبينما تتجول إيمان في زقاق حي الهجانة، تقابلها امرأة شابة منقبة، لتسلم عليها، وتخبرها بأنها "لم تغب عن درس واحد من دروس تفسير القرآن في المسجد،" فيما بدا أنه محاولة للحصول على إشادة ومديح إيمان.

وتقول إيمان عبدالله إن النساء اللواتي يحضرن دروس تلاوة وتفسير القرآن يتلقين شهريا "حوافز" مالية تتراوح بين 40  و100 جنيه مصري كهبة من "المؤسسات الإسلامية خارج البلاد."

ولم تعط إيمان تفاصيل عن تلك المؤسسات، غير أنها من المرجح أن تكون منظمات غير هادفة للربح تمولها السعودية التي تستخدم عائدات النفط لنشر النفوذ الوهابي في مصر وغيرها الدول.

وفي منطقة أخرى وبالقرب من مسجد قبيل صلاة المغرب، تجمعت نحو 20 امرأة وبدأن الدخول إلى حرم المسجد وبرفقة بعضهن أطفالهن لحضور درس للواعظة الدكتورة صباح السكري الصيدلانية والعضوة في "الأخوات المسلمات."

وتجلس السكري على كرسي أمام النساء وفي حضنها كمبيوتر محمول، وتقول إنها ستبدأ الدرس من خلال مقارنة نظام مبارك الاستبدادي، بتحدي المستضعفين لجبروت فرعون الذي حكم في وقت النبي موسى.

وتروي الواعظة على مسامع النساء المصغيات قائلة "غرق فرعون مع جيشه كله، عندما كان يتبع بني إسرائيل الذين تمكنوا من عبور اليم بعد أن فرقه الله لموسى،" وتضيف قائلة إن "رجال نظام مبارك أيضا سوف يعاقبون على كل جرائمهم."

وقالت السكري إنها ستكرس بقية الدرس لوضع المرأة في الإسلام، وأردفت "الإسلام أعطى المرأة مكانة مرتفعة.. فالنساء في الإسلام يتمتعن بحقوق متساوية مع الرجال.. لديهن الحق في اختيار مهنتهن وأزواجهن وأملاكهن."

وأوصت الواعظة النساء بارتداء "ملابس محتشمة" لأن "المرأة غالية ويجب أن تتحجب لتحمي نفسها ضد المعتدين." في حين هزت النسوة، وجميعهن يرتدين الحجاب، رؤوسهن في إشارة إلى موافقة كلام الواعظة.

ولكن خلافا للأيام الأولى للجماعة، عندما كان دور النساء يقتصر على الأنشطة الخيرية والعمل التربوي، دخلت المرأة في السنوات الأخيرة مجالات جديدة كانت تعتبر سابقا "خارج حدودهن،" مثل السياسة،  إذ ظهرت المرأة إلى جانب الرجل في حفل مؤخرا بمناسبة تدشين حزب رسمي لجماعة الإخوان المسلمين.

وعن ذلك قالت منال إسماعيل، وهي عضو في الحزب الإسلامي الذي شكل حديثا، إنه "رغم أن النساء جلسن في صفوف منفصلة، وابتسمن بخجل للكاميرات التلفزيونية إلا أنهن حرصن على مشاركة رؤيتهن لمصر الجديدة مع الصحفيين الذين يغطون الحدث."

وأضافت "هذا فجر جديد.. لقد كنا ننتظر وقتا طويلا ليأتي هذا اليوم.. فنحن نحتفل بنهاية الطغيان وتأسيس حريتنا الجديدة."

وقالت إسماعيل إنها سافرت من بيتها بمحافظة البحيرة (بضع ساعات بالسيارة من القاهرة) خصيصا لحضور هذا الحدث، مشيرة إلى أنها ترشحت مستقلة في انتخابات نوفمبر/تشرين ثاني 2010 التشريعية.

وقد تم ترشيحها كجزء من نظام الحصص (الكوتا) الذي قدمه النظام السابق، وحجز 64 مقعدا للنساء في برلمان يبلغ عدد مقاعده 454 مقعدا. ولمفاجأة الجميع، حصلت إسماعيل على أكثر الأصوات التي حصلت عليها امرأة في الانتخابات.

وتأمل إسماعيل الآن في تكرار نجاحها ذاك باعتبارها ناشطة سياسيا في الانتخابات البرلمانية المقبلة، والتي تم الآن إعادة جدولتها إلى نوفمبر/تشرين الثاني.

ولإعداد نفسها للانتخابات المقبلة، فهي تحضر ورشات عمل مكثف حول "النشاط السياسي" والتي تنظمها كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة.

وقد جمعت ورشات العمل تلك الناشطين السياسيين الطموحين والقادة من الذكور والإناث، الذين يرغبون في التفرغ للسياسة، ويريدون تعلم أدوات وأساليب الحملات الانتخابية الفعالة والتعبئة العامة.

وقالت إسماعيل "نحن، ونساء مصر كنا هناك في الخطوط الأمامية للثورة في يناير/كانون الثاني، للمطالبة بتحقيق العدالة والحرية للجميع.. الآن بعد أن انتهت الثورة نريد أن نتأكد من أننا لا نأخذ المقعد الخلفي."

وتتفق الناشطات جميعا على أن تنفيذ الشريعة الإسلامية هي الطريقة الوحيدة لضمان أن يتم احترام حقوق المرأة.

ووفقا لإسماعيل فإن العدالة والحرية والمساواة للجميع هي المبادئ التي تدعو إليها الشريعة الإسلامية،" لكنها شددت على أن أكثر ما يهم هو أن هناك تفسيرا معتدلا للشريعة.

وقالت "يجب ألا يكون هناك مكان للحدود الشرعية مثل رجم الزانيات أو قطع أيدي السارقين في مجتمعاتنا الحديثة.. كل شيء يجب أن يتطور مع الوقت.. هذا هو شعار الحركة."



ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.

الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.