CNN CNN

أنظمة عربية تستبق ثورات شعوبها بـ"جزرة" الإصلاحات

الأربعاء، 23 آذار/مارس 2011، آخر تحديث 17:00 (GMT+0400)
ثورات مصر وتونس وليبيا بمثابة ''مركز زلزال'' للانتفاضات العربية
ثورات مصر وتونس وليبيا بمثابة ''مركز زلزال'' للانتفاضات العربية

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- من تونس إلى مصر وصولاً إلى ليبيا، مروراً باليمن ثم البحرين وسلطنة عُمان وسوريا والجزائر والمغرب والسعودية والأردن والكويت، وغيرها، جاهدت وتجاهد أنظمة حكم عربية للحيلولة دون انفلات زمام الأمور من بين أيديها، خاصة بعد أن تخطت الشعوب العربية الشابة حاجز الخوف، وطالبت  بالإصلاح الاقتصادي والسياسي، وتحقيق عدالة اجتماعية جذرية وغير شكلية.

وعلى مدار الأسابيع الماضية، فشلت "جزرة" الإصلاحات العاجلة، ومحاولات ترميم درجات السلم الاجتماعي في تونس ومصر، وغيرهما، عبر قرارات استثنائية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، والحيلولة دون خروج متظاهرين ومحتجين في ميادين رئيسة وشوارع، وإحداث حالة من الشلل الكلي للحياة العامة في البلاد، أو لصرف هؤلاء المتظاهرين والمحتجين، لكن دون جدوى.

ومنذ مطلع هذا العام، والخريطة العربية البشرية تشهد اهتزازاً، عندما ضرب تونس "زلزال" الثورة الشعبية، بعد أن أضرم المواطن محمد البوعزيزي النار في نفسه، وخروج الناس والإطاحة برئيس البلاد زين العابدين بن علي، لتضرب الثورة مصر بعدها، ويطاح برئيسها حسني مبارك في ثورة شعبية كذلك، والآن وصلت إلى ليبيا.

وبوفاة البوعزيزي بعد 18 يوماً في المستشفى، اندلعت احتجاجات صاخبة، تخللها أعمال شغب، انطلقت من محافظة "سيدي بوزيد"، وامتدت إلى مناطق أخرى، حتى تونس العاصمة، ما أجبر الرئيس بن علي حينذاك على تقديم تنازلات متتالية بينها إعلان نيته إنفاق عشرات الملايين من الدولارات لتطوير مناطق نائية وتوفير فرص عمل، دون جدوى.

وعندما فشل بن علي في ثني شعبه عن الاحتجاج، فر الرئيس المخلوع إلى السعودية، وما هي إلا أحد عشر يوماً تالية لتنطلق احتجاجات شعبية في مصر سميت بـ"يوم الغضب"، سرعان ما تطورت إلى مظاهرة شعبية ضمت معظم فئات وطبقات المجتمع، واحتل الثوار ميدان التحرير الأكبر على الإطلاق في المنطقة العربية، لتبدأ التنازلات.

تنازلات النظام المصري:

- مبارك يقيل حكومة أحمد نظيف ويعين أحمد شفيق لتشكيل حكومة جديدة
- مبارك يعين عمر سليمان نائباً لرئيس الجمهورية
- مبارك يعلن أنه لم يكن ينوي الترشح لفترة رئاسية جديدة
- ويعلن عدم إمكانية ترشيح ابنه جمال للرئاسة
- استقالة كبار أعضاء هيئة المكتب في الحزب الوطني الحاكم بينهم جمال مبارك
- حوار وطني بين سليمان وبعض عناصر من المتظاهرين والأحزاب للبحث عن مخرج
- مبارك يطلب تعديل مواد في الدستور تضمن تداول السلطة
- ويفوض صلاحيات رئيس الجمهورية إلى نائبه
- المجلس الأعلى للقوات المسلحة يعلن أنه ضامن لوعود مبارك
- مبارك يتنحى عن سدة الحكم ويسلم السلطة للجيش ويطير إلى شرم الشيخ.

وبعد أحداث تونس ومصر، هبت رياح الثورة على ليبيا، الجارة الغربية لمصر، والشرقية لتونس، والواقعة بين البلدين صاحبتي الثورتين، وغاب القذافي وابنه سيف الإسلام، ثم ظهر الأخير موجهاً خطاباً تلفزيونياً إلى المحتجين الذين تصاعدت حركتهم سريعاً وانتقلت من مدينة لأخرى. وأعلن سيف الإسلام، الذي لا يشغل أي منصب حكومي أو حزبي في بلاده، سوى أنه نجل زعيم ليبيا، عن حزمة إصلاحات وتحذيرات:

- وجه تحذيرات من حرب أهلية إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق
- دعا إلى الاتفاق على ما أسماها "مبادرة تاريخية وطنية"
- إصدار قانون للصحافة
- إصدار قوانين للمجتمع المدني
- فتح آفاق الحرية
- دستور جديد للبلاد
- عودة الحكم المحلي لمختلف الأقاليم الليبية بالاختيار لمن يمثل كل منطقة
- الاستمرار في دعم التنمية
- التحول من الجماهيرية الأولى إلى الجماهيرية الثانية، على حد تعبيره
- إلغاء الفوائد على قروض المواطنين الليبيين
- إلغاء الشهادات العقارية المطلوبة للحصول على القروض

- صرف 500 دينار لكل عالئلة ليبية
وتستمر المظاهرات، ويستمر معها سقوط البلد تلو الآخر في أيدي المتظاهرين الليبييين.

واندلعت مظاهرات في اليمن تطالب بتحسين الأوضاع، سرعان ما تحولت إلى مطالب بإسقاط النظام، وعليها أعلن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح حزمة من الإصلاحات أهمها:
- إعلانه عدم ترشيح نفسه لولاية جديدة في 2013
- أعلن تأجيل الانتخابات النيابية وتجميد التعديلات الدستورية
- أعلن رفضه للتوريث لنجله والتمديد لفترة رئاسية جديدة
- أعلن عن حزمة من الإصلاحات بناء على طلب المعارضة 

وشمال اليمن، استبق العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، الأحداث في نفس اليوم الذي عاد فيه من رحلة علاج خارجية استمرت ثلاثة أشهر، بإصدار عدة أوامر ملكية بقيمة إجمالية تزيد على 37 مليار دولار، على خلفية تنامي الدعوات على بعض المواقع الاجتماعية ليوم غضب شعبي سعودي، وكانت الإصلاحات المعلنة عبارة عن:

- دعم رأسمال صندوق التنمية العقارية "الإسكان"، بمبلغ إضافي قدره 40 مليار ريال
- إعفاء أسر المتوفين من سداد أقساط القروض التي حصلوا عليها
- إعفاء جميع المقترضين من سداد الأقساط لمدة عامين
- رفع رأسمال البنك السعودي للتسليف والادخار بمبلغ 20 مليار ريال، ليرتفع إلى 30 مليار ريال، مع نفس الإعفاءات السابقة، سواء بالنسبة للمقترضين أو المتوفين، على أن تقوم وزارة المالية بتعويض البنك عن مبالغ الأقساط المعفاة.
- دعم ميزانية الهيئة العامة للإسكان بمبلغ 15 مليار ريال.
- رفع الحد الأعلى لعدد أفراد الأسرة التي يشملها الضمان الاجتماعي من ثمانية إلى 15 فرداً، وتخصيص مبلغ مليار ريال لهذا الغرض، مع تفعيل البرامج المساندة في الضمان الاجتماعي، وتخصيص مبلغ 3.5 مليار ريال لهذا الغرض.
- تخصيص 1.2 مليار ريال لتوسيع خدمات الرعاية الاجتماعية، من خلال زيادة الاعتماد المخصص لإعانات ذوي الاحتياجات الخاصة، ورفع الطاقة الاستيعابية لمؤسسات رعاية الأحداث، وزيادة الاعتماد المخصص للأسر الحاضنة والبديلة للأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة.

وفي جنوب وشرق المملكة السعودية، اندلعت مظاهرات في سلطنة عمان، الخليجية أيضاً، حيث بدأت الاحتجاجات في ولاية "صحار"،  إذ يتجمع آلاف المواطنين العمانيين يومياً، عند دوار صحار، في انتظار تلبية مطالبهم المتمثلة في إصلاحات اجتماعية واقتصادية متنوعة ومطالب بملاحقة المفسدين، إلا أن سلطان البلاد، قابوس بن سعيد، حاول تدارك المشكلة بإصدار عدة مراسيم لإجراء إصلاحات سريعة لترضية الشعب.

- تكليف لجنة وزارية بمهام دراسة إعطاء مجلس الشورى العماني مزيداً من الصلاحيات
- تعزيز دور الرقابة المالية في السلطنة
- دراسة سبل ضمان استقلالية الإدعاء العام
- توظيف 50 ألف مواطن فوراً
- إعطاء كل الباحثين عن العمل منح شهرية من الحكومة مقدارها 150 ريالاً (قرابة 380 دولاراً،)
- دراسة إمكانية توسيع صلاحيات مجلس الشورى بحيث يتيح تعيين وزراء منه في الحكومة.

وشمال سلطنة عُمان، تقع مملكة البحرين الصغيرة المساحة، والشقيقة ضمن ست دول لما يسمى "مجلس التعاون لدول الخليج العربية"، وهي مملكة ذات أغلبية شيعية من السكان، ولدى فئات من الشعب هناك مطالب خرجوا خلالها في مظاهرات يطالبون بإصلاحات اقتصادية واجتماعية شاملة، ثم تطورت إلى اعتصام في "دوار اللؤلؤة" استلهاماً لفكرة "ميدان التحرير" في مصر، ومطالب بإسقاط النظام. لكن ملك البحرين سارع باتخاذ مجموعة من التدابير كانت كالتالي:

- صرف ألف دينار بحريني (2600 دولار) لكل أسرة بحرينية
- إطلاق سراح عدد من المحكومين وإيقاف السير في دعاوى جنائية.
- إطلاق مبادرة للحوار مع المعارضة
- تكليف ولي العهد ونائب القائد الأعلى بالحوار مع جميع الأطراف والفئات في المملكة.

وإلى الشمال الغربي من البحرين توجد دولة الكويت، المنضوية بدورها ضمن اتحاد "مجلس التعاون الخليجي"، التي شهدت هي الأخرى دعوات للاحتجاج والتظاهر ضد النظام الحاكم، ما دفع أمير البلاد إلى الإسراع في اتخاذ عدة خطوات كالتالي:

- صرف مبلغ مالي لكل مواطن تبلغ 3572 دولار (ألف دينار كويتي)
- صرف مواد غذائية بالمجان لكل حاملي البطاقات التموينية الحكومية.

وعلى الحدود الشمالية والغربية للكويت، توجد دولة العراق، التي بدأت تشهد هي الأخرى حالة من السخط الشعبي على الحكومة والنظام الحاكم، وسط تزايد معدلات الفقر والبطالة وتهالك الخدمات العامة، فيما جاء الرد الرسمي كالتالي:
- إعلان رئيس الحكومة نوري المالكي عدم نيته الترشح لفترة ثالثة
- توزيع ثلاثة حصص غذائية للأسر المتعففة وحصتين للعائلات العادية
- التريث في بتطبيق قرار التعريفة الجمركية
- إعفاء الأسر المتعففة من سداد فواتير الكهرباء بأثر رجعي
- تقليص راتبه الشخصي إلى النصف.

ومن العراق غرباً إلى جارتها سوريا، الدولة العربية أيضاً التي شهدت دعوة ليوم غضب سوري على الموقع الاجتماعي "فيسبوك" بمشاركة آلاف ممن يرزحون تحت وطأة الفقر والبطالة وضياع حقوق الإنسان، فإذا بها تتحول إلى مظاهرات تأييد للرئيس بشار الأسد.

بشار الأسد الذي صرح لصحيفة "وول ستريت جورنال"، قبل فترة بأن المظاهرات في مصر وتونس واليمن تطلق "حقبة جديدة" في الشرق الأوسط، ويتعين على الحكام العرب بذل المزيد من الجهود لتلبية طموحات شعوبهم الاقتصادية والسياسية، لم يتجاهل هو نفسه ذلك، حينما أعلن عن حزمة إصلاحات في بلاده:

- إجراء المزيد من الإصلاحات السياسية في البلاد
- إجراء انتخابات بلدية ومنح المنظمات غير الحكومية مزيداً من السلطات
- سن قانون جديد للإعلام
- بعض الإجراءات الحكومية لخفض الأسعار لتخفيف الضغوط التي كانت الباعث على ثورات مصر وتونس.

ومن سوريا إلى جارتها الجنوبية، المملكة الأردنية، التي شهدت شوارعها تحركات مشابهة تطالب بإصلاحات اقتصادية وسياسية، في حين تتعرض الطبقات الفقيرة لضغوط معيشية قاسية، ما دفع الملك عبد الله الثاني العاهل الأردني، إلى دعوة الحكومة والسلطة التشريعية والهيئات المعنية بمواجهة الفساد.

- التحقيق في الشبهات المثارة حول اتهامات البعض بالفساد
- طلب العمل على تطوير قانون الانتخاب
- دراسة تطوير كل القوانين المنظمة للعمل السياسي والمدني

أما الشمال الإفريقي، الذي تضربه هزات الثورات المتتابعة أصلاً، في تونس ثم مصر وحالياً في ليبيا، امتدت إلى كل من الجزائر والمغرب كذلك، ليصبح بذلك عرب شمال أفريقيا بالكامل يعيشون ثورات أو احتجاجات شعبية، فيما تهرول الأنظمة الحاكمة هناك ممن لم تصلهم رياح الثورة بعد إلى درء الخطر في خطوات استباقية.

ففي الجزائر، ألغت السلطات قانون الطوارئ المعمول به منذ عشرات السنين، الخميس، ووعدت بإصلاحات سياسية.

أما في المملكة المغربية، فانتفض الشارع قبل أيام في العديد من المدن المغربية مطالبين بإسقاط الفساد وإصلاحات ديمقراطية وسياسية في البلاد.

فخرج الملك محمد السادس، ليعلن عن:
-إنشاء مجلس اقتصادي واجتماعي
- وعود بالديمقراطية والتنمية البشرية المستدامة.

وتطوق الثورات الشعبية الخارطة العربية من الشرق إلى الغرب، فيما يتركز مركز الزلزال عند المنطقة الوسطى في مصر وليبيا وتونس، الذي تطال هزاته الارتدادية الخليج العربي شرقاً حيث يحيط بمملكة البحرين وسلطنة عمان، والمحيط الأطلسي غرباً، عند سواحل المملكة المغربية وموريتانيا.