CNN CNN

خبراء: من الصعب تكرار السيناريو الليبي في سوريا

السبت، 01 تشرين الأول/أكتوبر 2011، آخر تحديث 13:00 (GMT+0400)

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- استبعد محللون ومراقبون، وصول الأزمة في سوريا إلى حد التدخل العسكري الأجنبي، على غرار ما حدث في ليبيا بعد قرار من مجلس الأمن يقضي بحماية المدنين، قائلين إن عدة أسباب سياسية وجغرافية تجعل من ذلك أمرا صعبا، وغير متوقع.

وقال خبراء تحدثوا لـCNN بالعربية إن طبيعة جغرافية المنطقة، وحقيقة أن سوريا جارة لإسرائيل، تزيد من تعقيد الدور الدولي في الأزمة السورية، إذ أن سوريا تمتلك علاقات قوية بإيران وحزب الله والمقاومة الفلسطينية، وهي أوراق تخشاها إسرائيل، التي ثبتت مصلحتها في بقاء نظام الأسد.

ويرى خبير الشؤون العسكرية اللواء محمد قدري سعيد، أن التدخل العسكري الخارجي لتغيير نظام الرئيس السوري بشار الأسد خيار مستبعد، بسبب اختلاف ظروف وثقافة وتاريخ البلدين، لافتا إلى أن سوريا دولة مركزية لها تاريخ في العمل السياسي، كما أن حكومتها ونظامها متماسك وقوي، مقارنة بالنظام الليبي.

وقال سعيد إن الجانب الأمريكي والأوروبي لديهم نوع من التردد بالنسبة للتدخل بسوريا، خوفا من أن تتحول إلى مركز لحرب شاملة بالمنطقة، خاصة بالدول المجاورة لها ومنها إسرائيل، إذ أن سوريا تمتلك علاقات قوية بإيران وحزب الله والمقاومة الفلسطينية، ما يجعلهم يسعون إلى تضييق الخناق على نظام الأسد وعزله هو والمحيطين به.

وأوضح الخبير العسكري، أن "الأوضاع بسوريا أكبر من الجامعة العربية والأمين العام لها الدكتور نبيل العربي، والتي ترفض سوريا استقباله حتى اليوم، فرغم موافقتها على التدخل العسكري الأجنبي بليبيا، إلا أن العملية كانت بيد حلف الناتو."

من جهته، استبعد الدكتور عبد العزيز بن صقر، رئيس مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية ومقره دبي، تكرار السيناريو الليبي في سوريا، وقال "من الصعب التدخل العسكري الأجنبي في سوريا في الوقت الراهن لعدة أسباب أبرزها تماسك الجيش السوري، وعدم انشقاقهِ عن النظام الحاكم، فالجيش السوري يمكنه التصدي للمواجهات البرية الداخلية بقوة مادام محصنا ومسلحا."

وتحدث صقر عن المشكلات الحدودية التي تحول دون التدخل العسكري الخارجي في سوريا، قائلاً: "التدخل العسكري الخارجي يتطلب استخدام أراضي الدول المجاورة لتكون نقطة انطلاق لهم، فموقع ليبيا الجغرافي على البحر المتوسط سهل المهمة العسكرية، أما سوريا فمحاطة بتركيا والأردن والعراق ولبنان."

وأشار صقر إلى موقف إسرائيل تجاه التدخل العسكري في سوريا، قائلاً: "أعتقد أن إسرائيل لا ترغب في إسقاط نظام الأسد ولا تفضل استخدام القوى العسكرية الخارجية تجاه سوريا، حتى لا تكون ذريعة لسوريا فيما بعد للقيام بعمليات عسكرية في مواجهة إسرائيل، كما أنهم يخشون من البديل الإسلامي المتشدد الذي قد توصله الديمقراطية إلى الحكم." 

من جانبه يرى الدكتور عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات أن تكرار السيناريو الليبي محتمل لكن ضعيف وقال: "الشعب الليبي كان على وشك التعرض لإبادة أكثر من مليون نسمة دفعة واحدة في بني غازي، ما استدعى التدخل الدولي الفوري لإنقاذ الشعب الليبي من كارثة مقبلة."

وأضاف عبد الله: "أما في سوريا رغم أن الموقف متصاعد، وهناك مجازر يقوم بها نظام الأسد تجاه الثوار، إلا أنه لم يصل إلى المرحلة التي وصلت إليها ليبيا، كما أن الجيش السوري أقوى من الجيش في ليبيا بعد أن حل القذافي الجيش عام 1995 واستبدله بالمليشيات العسكرية."

وتحدث عبد الله عن موقف المجتمع الدولي تجاه سوريا قائلاً: "أعتقد أن الدول الغربية التي لم تنهي عملياتها العسكرية في ليبيا حتى الآن، متعبة ومنهكة، إضافة إلي الأعباء المالية الضخمة لهذه العمليات، لذا فإن هذه القوات تحتاج إلى وقت لاستعادة عافيتها، لتفكر في حملات جديدة." 

وأضاف "أن قرار التدخل العسكري الدولي في ليبيا كان قراراً أممياً من مجلس الآمن، ومن الصعب الحصول على القرار نفسه بشأن سوريا، فدولة مثل روسيا لديها مصالح في سوريا، وتمتلك قاعدة عسكرية بحرية ضخمة هناك، وعلاقتها بالنظام السوري إستراتيجية وعميقة، يمكن أن تعترض على قرار بشأن حملات عسكرية دولية في سوريا."

ويؤكد الدكتور رفعت السيد أحمد، مدير عام مركز يافا للدراسات والأبحاث، صعوبة تدخل حلف شمال الأطلسي لتوجيه ضربات لسوريا، بسبب امتلاكها أوراق قوة، كما أن توجيه ضربات لها سيسحب المنطقة إلى حروب إقليمية بين سوريا وحزب الله والمقاومة الفلسطينية وإيران من ناحية، وإسرائيل والولايات المتحدة من ناحية أخرى.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة والدول الأعضاء بحلف شمال الأطلسي، "يستغلون المطالب الشعبية السورية العادلة في التغيير والإصلاح والقضاء على الفساد، في تنفيذ ما وصفه بمؤامرة الهدف الرئيسي والأساسي منها، فك علاقة سوريا بالمقاومة العراقية والفلسطينية وحزب الله."

من جانبه قال الدكتور عمرو هاشم ربيع، الباحث بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، إن "الولايات المتحدة وحلفاءها من الدول الأوربية والعربية لا يريدون أن تقع سوريا في الفوضى وتكون منطقة سوداء تضر بمصالحهم.

وأشار ربيع إلى أنه "يعتقد بأن النظام السوري "سيسقط من الداخل،" متوقعا أن "تحدث إنشقاقات في الجيش السوري تؤدي إلى إنهيار النظام."

أما المحلل السياسي الأردني والباحث في مركز الدراسات الإستراتجية الدكتور محمد أبو رمان، فيقول "إن الحل العسكري باعتقادي غير مطروح حاليا لدى المجتمع الدولي لاعتبارات عديدة من بينها تحالفات سوريا الإقليمية عدا عن أن التدخل العسكري سيجر المنطقة إلى أزمة واسعة حقيقية."

واعتبر أبو رمان أن ممارسة مزيد من الضغوط السياسية والاقتصادية تحديدا على سوريا، تشكل مخرجا مناسبا لوقف تصاعد المجازر وقمع الثوار، واستمرار المجتمع الدولي بتمرير رسائله إلى النظام السوري حتى الاستجابة.

ويشير أبو رمان يشير إلى أنه في حال تصاعدت الثورة السورية وتزايدت أعمال القتل والتنكيل بالثوار على المدى الأطول، وحصل هناك تفكك داخلي وتوالت المجازر وتصاعد استخدام السلاح لقتل المدنيين كعمليات القصف، سيصبح  حينها الحل الدولي والتدخل العسكري مطلوبا بالحد الأدنى لحماية المدنيين.