CNN CNN

استضافة عائلة القذافي تعمق خلاف الجزائر وثوار ليبيا

الجمعة، 30 أيلول/سبتمبر 2011، آخر تحديث 10:00 (GMT+0400)
 

طرابلس، ليبيا (CNN) -- يبدو أن وصول زوجة معمر القذافي وثلاثة من أبنائه إلى الجزائر، سيتحول إلى قضية أخرى شائكة في العلاقات المتوترة أصلا بين قيادة المعارضة في ليبيا والحكومة الجزائرية.

فلقد كان الجانبان على خلاف منذ أن اتهم المسؤولون في المجلس الوطني الانتقالي الجزائر بدعم القذافي، وهو ادعاء نفته الجزائر، وأكدت مرارا أنها على الحياد في الصراع الليبي.

لكن الجزائر هي الوحيدة من جيران ليبيا في شمال افريقيا التي لم تعترف بعد بالمجلس الانتقالي كسلطة شرعية في البلاد، واحتجت الأسبوع الماضي لدى الأمم المتحدة على مدى الأضرار التي لحقت بالسفارة الجزائرية في طرابلس.

وانتقد بعض المسؤولين في المجلس الانتقالي السماح لأفراد أسرة القذافي بالعبور إلى الجزائر، هذه الأخيرة التي وصفت الإجراء على أنه بادرة إنسانية.

وأوضحت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان أن "زوجة العقيد معمر القذافي صفية، وابنته عائشة، ونجليه هنيبعل ومحمد، يرافقهم أبنائهم دخلوا الجزائر عند الساعة 08:45 بالتوقيت المحلي من يوم الاثنين، عبر الحدود الجزائرية الليبية."

وأضاف البيان، الذي نقلته وكالة الأنباء الرسمية، أنه "تم إبلاغ كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، ومحمود جبريل رئيس المجلس التنفيذي للمجلس الوطني الانتقالي الليبي بهذا الخبر."

وأبلغ المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي الليبي محمود شمام، شبكة CNN بأن المجلس سيطالب الجزائر بتسليم أفراد عائلة القذافي، متعهدا بحصولهم على محاكمة عادلة.

ووفقا لوكالة الأنباء الجزائرية، فقد التقى وزير الخارجية مراد مدلسي محمود جبريل، رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الانتقالي الليبي، خلال اجتماع الجامعة العربية في القاهرة الاثنين.

ولم تتوفر تفاصيل أخرى عن اللقاء، ولكن دبلوماسيين يقولون إنه من المرجح أن الاثنين يريدان تجنب تفاقم الخلاف الدبلوماسي بين الجانبين في محاولة لتعزيز موقفهما.

والحقيقة أن الجزائر يعتريها قلق يوصف بأنه "هستيري،" في بعض الأحيان، فقد ذكرت صحف جزائرية أن مجرمين وأعضاء في جماعات إسلامية متشددة انضموا إلى صفوف الثوار الليبيين.

وما يغذي القلق الجزائري هو احتمال عدم الاستقرار لفترة طويلة في ليبيا، رغم أن الجزائر كانت على خلاف مع نظام القذافي، إذ لم يكن هناك تعاون لمكافحة التطرف الإسلامي، وخصوصا ضد الوجود المتزايد لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.

وقد شن ذلك التنظيم عدة هجمات على الشرطة والجيش في جنوب الجزائر في الأشهر الأخيرة، وفي الأسبوع الماضي نفذ واحدة من أجرأ الهجمات له حتى الآن، وقتل 18 ضابطا واثنين من المدنيين في تفجير انتحاري وقع في أكاديمية عسكرية بالقرب من العاصمة الجزائرية.

ونظام القذافي، الذي حارب بنفسه معركة طويلة ضد الجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية، استجاب في عام 2006 للمخاوف الجزائرية، وكان هناك اتفاق انفراجة بين البلدين خلال زيارة قام بها المسؤول الأمني الليبي اللواء صلاح رجب المسماري.

وآنذاك، تعهد الجانبان على ترسيم حدودهما الصحراوية (التي يبلغ طولها أكثر من 1000 كيلومتر)، وأعادا إحياء لجنة أمنية مشتركة لمعالجة "الجريمة المنظمة والإرهاب والهجرة غير الشرعية والاتجار بالمخدرات، وتدفقات الهجرة."

وكان غياب حدود متفق عليها قد أعطى الخلايا الإرهابية والمهربين فسحة للتنفس، ووفقا لبرقية دبلوماسية أمريكية نشرها موقع "ويكيليكس،" فإن ذلك الأمر أصبح "قضية مقلقة ،ليس فقط بالنسبة للجزائر ولكن لجميع بلدان الساحل."

وقد حارب الجيش الجزائري في معارك طويلة وشرسة ضد تمرد الإسلامي في التسعينيات، حيث يقدر أن نحو 200 ألف شخص، قتلوا، معظمهم من المدنيين.

وهناك قضية أخرى مشتركة بين ليبيا القذافي والجزائر، وهي تعامل الأخيرة مع أقلياتها من قبائل البربر، وهم شعب من غير العرب يعيشون في المناطق الجبلية في غرب ليبيا والجزائر وأجزاء من شرق تونس والمغرب.

وغالبا ما كانت منطقة "قبيلي،" الجبلية التي يسكنها البربر مصدر إزعاج لقوات الأمن الجزائرية، إذ سببت عمليات الخطف والتهريب والاتجار بالبشر ووجود خلايا لتنظيم القاعدة في المنطقة الصداع المستمر للحكومة.

كما اختلطت الجريمة والإرهاب في كثير من الأحيان، ووفقا لبرقية دبلوماسية أميركية سربت عام 2007 ونشرها موقع "ويكيليكس،" من السفارة الأمريكية في الجزائر العاصمة، فإن قيادي بالجماعة السلفية يدعى مختار بلمختار، يشتبه في أنه قاد عصابة تهريب، ثم انضمت جماعته بأكملها لتنظيم القاعدة."

وغالبا ما نفى مسؤولو نظام القذافي باستمرار وجود أي مجتمع للبربر في ليبيا، واتهموا الولايات المتحدة بـ"التدخل غير المقبول" في شؤون البلاد الداخلية، عندما حاولوا زيارة مناطق البربر في الجبال الغربية.

ومن غير المرجح أن ترضى الجزائر عن هوية بربرية معززة عند جارتها الشرقية، كما أنها لن ترضى في ظل عدم وجود سلطة حقيقية على الجانب الآخر من الحدود، بينما لا يوجد لدى المجلس الانتقالي رغبة في رؤية بقايا نظام القذافي تتجمع في دولة مجاورة.