CNN CNN

الأردن: قوى تعتبر حكومة البخيت "نسخة مكررة"

تقرير: هديل غبّون
الأربعاء، 09 آذار/مارس 2011، آخر تحديث 16:00 (GMT+0400)
رئيس الوزراء الأردني معروف البخيت
رئيس الوزراء الأردني معروف البخيت

عمان، الأردن (CNN) -- بعد ثمانية أيام من المشاورات الماراثونية التي قادها رئيس الوزراء الأردني الجديد الدكتور معروف البخيت لتشكيل حكومة خلفا لسمير الرفاعي، استقبلت الأوساط السياسية والحزبية والنقابية وقوى المعارضة "تركيبة" الفريق الوزاري الجديدة بحالة من الاستياء العام بوصفها "نسخة مكررة" لحكومات سابقة وإن كانت صاحبة "خبرات."

ولم تبتعد قراءات بعض تلك الأوساط عن توصيف الطاقم الوزاري "بغير الرشيق" وغير القادر على ضبط إيقاع  الشارع الأردني، الذي شهد حراكا احتجاجيا غير مسبوق انصب على الدعوة إلى إسقاط حكومة الرفاعي، والاستعاضة عنها بتشكيل حكومة إنقاذ وطني تبدأ بإجراء إصلاحات شاملة في البلاد.

ورغم خفض قوى المعارضة في البلاد سقف مطالبها بتجنب الدعوة إلى إسقاط الحكومة الحالية، إلا أنها بدأت بتوجيه النقد للحكومة الحالية والتشكيك بقدرة الفريق الوزاري على إنقاذ البلاد من أزمة اقتصادية وسياسية.

 وربطت  الحركة الإسلامية تعاونها مع الحكومة الجديدة بتنفيذ جملة مطالب من خلال مذكرة كشف عنها حزب جبهة العمل الاسلامي، الذراع السياسية لجماعة الخوان المسلمين، عشية إعلان التشكيل،  تضمنت 14 بندا مطلبيا إصلاحيا.

ورفضت الحركة في وقت سابق الانضمام إلى الحكومة من خلال تسمية قيادات منها، أو من خلال تسمية مستقلين محسوبين على الحركة وهو ما توافقت عليه قيادة الحركة في قرار مشترك أعلنت عنه خلال المشاورات.

وقال القيادي البارز ورئيس المكتب السياسي للحزب زكي بني ارشيد لCNN بالعربية، إنه لم يتوقف طويلا عند التشكيلة الجديدة، متسائلا عن قدرتها على اتخاذ قرارات سريعة على ضوء الوعود التي قطعها البخيت خلال المشاورات، وواصفا إياها "بالنسخة المكررة التي تضم موظفين حكومة من الدرجة الأولى."

وأكد بني ارشيد الذي حمل هو ووفد من الحزب مذكرة المطالب إلى البخيت ترافقت مع الاعتذار رسميا عن المشاركة في الحكومة، أن الحركة قبلت بمنح فرصة للحكومة لتنفيذ مطالب على رأسها تغيير قانون الاجتماعات العامة والبدء بحوار وطني جاد لمراجعة قانون الانتخاب المؤقت وإصلاح الاختلالات.
 
ومع ارتفاع منسوب الترقب السياسي والشعبي، فلن يشهد يوم الجمعة إطلاق مسيرات احتجاجية على غرار الأسابيع الماضية، فيما قررت الحركة الإسلامية تسيير اعتصام جماهيري باتجاه السفارة المصرية في العاصمة، تضامنا مع الثورة الشعبية في مصر.

من جهته، قال الأمين العام للحزب القيادي حمزة منصور في تصريحات صحافية، إن الحزب لن يخرج بمسيرات الجمعة احتجاجا على السياسات الحكومية، لكن ذلك لن يمنع من الحراك مجددا في حال عدم الاستجابة للمطالب التي تم الإعلان عنها.

وفيما اتخذت الحركة قرارا بمواصلة الحراك لجهة "جدولته" وإعادة إنتاجه بأشكال مختلفة،  أشار من جهته العضو في الحملة الأردنية للتغير "جايين" مهدي سعافين إلى تعليق الحراك الجمعة في المحافظات واقتصارها على تجمع شبابي محدود في وسط البلد.

وأوضح سعافين، أن الحراك سيتخذ منحى جديد منذ الجمعة المقبلة وفي سياق مختلف، يرتكز إلى الضغط على الحكومة الحالية باتجاه إحداث إصلاحات دستورية والعودة الى دستور 1952.

وجاءت حكومة البخيت عقب سلسلة من الاحتجاجات الشعبية الواسعة في البلاد امتدت على مدار أكثر من شهر، فيما تعد هي العاشرة في عهد الملك عبدالله الثاني، والثانية للبخيت الذي ترأس حكومة خلال الأعوام 2005 -2007  وشهدت ما وصف بأنه "تزوير" للانتخابات النيابية والبلدية، ووصفه البخيت بأنه خرج عن سلطة الحكومة.

وسجل مراقبون انتقادات حيال احتفاظ وزراء حكومة الرفاعي في الحقائب السيادية على مواقعهم، كحقائب الداخلية والخارجية والمالية والتخطيط، ما اعتبره الناطق باسم لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة الأردنية الدكتور سعيد ذياب، مؤشرا إضافيا على عدم تغيير النهج الاقتصادي أو السياسي لاحقا، مؤكدا أن حزب الوحدة الشعبية الذي يتولى أمانته العامة بصدد مواصلة حراكه الاحتجاجي.

ولم يشفع انضمام قوميين ونقابيين وكتاب صحافيين و"حرس قديم"  للحكومة الجديدة  برفع منسوب توقعات انجازاتها، حيث انضم نقيب المحامين السابق المعارض القومي حسين مجلي ورئيس تحرير يومية "العرب اليوم" طاهر العدوان والكاتب من يومية "الرأي" طارق مصاروة، إضافة إلى جنرالات سابقين من أمثال رياض أبو كركي وسمير الحباشنة والرئيس البخيت نفسه، عدا عن حزبيين ممثلين عن أحزاب وسطية لم تعتبرهم الاوساط الحزبية ممثلين عن الطيف الحزبي الأردني .

وغابت "الشخصيات الليبرالية" عن التشكيل الحكومي أو "شخصيات الديجيتال" كما جرت التسمية المحلية، فيما حظي الأردنييون من أصول فلسطينية بست حقائب وزارية.

ويعتبر وزير الأوقاف عبد الرحيم العكور الإسلامي الوحيد المستقل  في الحكومة، حيث شغل موقع نائب المراقب العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين، وصدر قرار سابق بفصله من الجامعة عام 2000 لمشاركته في حكومة علي ابو الراغب آنذاك.

وانتقد نقيب المحامين السابق صالح العرموطي التركيبة الحكومية بشدة، معتبرا أنها جاءت  تشكيلة "كلاسيكية" تحت ضغط مراكز القوى واسترضائها، مشككا في قدرتها على سحب مشروع الموازنة المعروض حاليا أمام مجلس النواب لمناقشته في ظل تسجيل عجز يقدر بـ14 مليار دينار ومديونية تجاوزت المليار دينار.

كما انتقد العرموطي الفراغ الدستوري الذي عاشته البلاد خلال أسبوع من غياب السلطة التنفيذية، مشيرا إلى أن الفريق الحالي سيعجز عن مواجهة التحديات القائمة في الوقت الذي لن تمارس فيه صلاحياتها الدستورية لتخضع مجددا تحت تأثير "مراكز القوى وتغول" الملف الأمني على السياسي في البلاد.

وتبادلت بعض الأوساط الشعبية وحتى السياسية والصحافية بعض النكات على تشكيلة الحكومة الجديدة، مشيرة إلى أن رصدا سريعا لأعمار الوزراء اظهر ان معدل عمر الوزراء يتجاوز ال55 عاما بقليل، وثمانية منهم على الأقل تجاوزا السبعين وأربعة يشارفون على مرحلة ما بعد الـ 75 عاما، في إشارة إلى حكومة "مسنة" لا تمثل القطاع الشبابي الذين يشكلون غالبية المجتمع الأردني.

وفي الإطار الاقتصادي، تتفق النائبة في البرلمان الأردني ريم بدران أن تشكيلة الحكومة طغت عليها الصبغة السياسية فيما غاب وصف "حضور فريق اقتصادي متخصص" قادر على تحمل التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد.

وأشارت بدران لـCNN بالعربية، إلى أن وزراء الاقتصاد في الحكومة الجديدة غير قادرين على صياغة استراتيجيات اقتصادية على المدى البعيد، فيما "اعتبرتهم وزراء فنيين يواجهون هما إرثا اقتصاديا ثقيلا انعكست آثاره على الشارع الاردني في الفترة الأخيرة، ما يعني أن على الحكومة اتخاذ إجراءات سريعة لاحتواء الأزمة التي تمر بها البلاد. "

وتعتقد بدران أن الإجراء الأنسب للمرحلة المقبلة أن تتجه الحكومة إلى سحب مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2011 من مجلس النواب، بدلا من إقرار ملحق موازنة إضافي في خطوة  ستعتبر غير جائزة، حيث تعتبر  أرقام الموازنة الحالية غير مقبولة.

وتواجه الحكومة بحسب مراقبين تحديا على مستوى إيضاح أليات تسعير المشتقات النفطية التي اتخذت الحكومة السابقة قرارا مرحليا بتثبيت أسعاره حتى نهاية آذار فقط، فيما يطالب نواب بتوضيح أليات التسعير التي تشير مصادر إلى تحقيقها وفرا ماليا للحكومة غير معلن بوضوح.

وفيما تواجه حكومة البخيت تحديا على مستوى منح ثقة مجلس النواب للتخلص من لعنة ثقة "111" منحها المجلس للحكومة السابقة بحسب وصف المحللين، تترقب الأوساط البرلمانية والسياسية البيان الوزاري للحكومة الجديدة خلال الأيام المقبلة .