CNN CNN

حكاية طفلين.. يرويها غبار معارك غزة

الاثنين، 24 كانون الأول/ديسمبر 2012، آخر تحديث 19:00 (GMT+0400)
 الطفلين ياسمين (يمين) ويوسف.

 

تل أبيب (CNN) -- في خضم الأخذ والجذب بين إسرائيل وغزة، وبين الصواريخ التي تضرب بلا هوادة جانبي الشريط الحدودي العازل للقطاع، وفي أحد المستشفيات بتل أبيب، تساءلت أحدى الطبيبات الإسرائيليات التي تعالج حالتين لطفلين مصابين بذات الجروح أحدهما إسرائيلي والأخرى فلسطينية ما هو الهدف من هذا القتال كله؟

في أحد غرف المستشفى، الطفل الإسرائيلي، يوسف، الذي يبلغ من العمر أربع سنوات، وقد أصيب منزله بمنطقة، كريات ملاخي، بصاروخ أطلق من قطاع غزة ليودي بحياة أمه ويضع أباه بالعناية المركزة متأثرا بجروحه لتتركز همومه البريئة على تقطع عدد من أصابع يده الصغيرة.

في ذات المستشفى، وفي الغرفة المجاورة لغرفة يوسف، ترقد الطفلة الفلسطينية، بيسان الأغرم والتي تبلغ من العمر ثمانية أعوام، بعد أن حملتها أمها من منزلهما بقطاع غزة إلى هذا المستشفى، بسبب الازدحام الشديد بمستشفى "الشفاء" في غزة، وقله الموارد لعلاج أصابع يد ابنتها التي تقطعت أيضا بصاروخ إسرائيلي ضرب سقف منزلهما، في مشهد متطابق تفصل بينه حدود القطاع.

وتصف الأم، سعاد الأغرم، ما جرى بالقول: "بعد انقشاع الغبار الكثيف الذي انتشر في أرجاء المنزل بعد إصابته بالصاروخ، رأيت أصابع أبنتي الصغيرة على الأرض، وهرعت بها إلى مستشفى الشفاء بغزة."

ويدور صراع داخلي بقلب الأم، بين خوفها على ابنتها الذي دفعها إلى طلب الإذن من السلطات الإسرائيلية للذهاب بقصد المعالجة داخل الأراضي الإسرائيلية، وكونها المرة الأولى التي تخرج فيها من القطاع وبين المخاوف والهواجس التي تراودها بالسماح لمن يعتبروا أعداءً بغزة، بوضع أيديهم على جراح أبنتها ومعالجتها.

وبين كل هذه الأفكار والمخاوف، مرت لحظة سكينة قالت فيها الأم المثكلة بجراح أبنتها: كنت خائفة جدا لدخولي إسرائيل، إلا أن هذه المخاوف تبددت بعد المعاملة الجيدة التي حصلتُ وابنتي عليها، وتمكنت من استيعاب أن الطب لا علاقة له بالسياسة.

وفي المقابل، تساءلت باتيا يافي، طبيبة جراحة الأيدي بهذا المستشفى، والتي عالجت العديد من الإصابات التي تنوعت بين الجنود ومرتكبي العمليات التفجيرية وبين الضحايا المدنيين بينهما، ما هو هذا الشيء المميز في قطعة الأرض هذه.. الشيء الذي يدفع الجميع للتصارع والاقتتال؟ ما هو الهدف من كل هذا القتال؟ والى متى سيستمر هذا الحال؟

وفي خضم هذه الأسئلة التي بدت أبدية الإجابة، يرقد يوسف وكله فضول لمعرفة أحداث قصة "يونس والحوت،" التي يرويها له جده بعد أن قام الطاقم الطبي في المستشفى بإعادة تركيب أربعة من أصابعه، ثم اضطروا إلى إعادة بتر اثنين منهم في وقت لاحق.

أم يوسف، مينا سكارف كانت من أوائل من قتلوا في الجانب الإسرائيلي بهذا الصراع وقد علم يوسف نبأ وفاة أمه من أبي.

وتقول يوسف إن الطفل "يعلم أن أمه لم تعد موجودة وأنها الآن مع الرب، ويعلم أيضا بالرغم من صغر سنه "أن الأوقات القادمة ستكون صعبة."



ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.

الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.