CNN CNN

لبنان: تنديد بالحكومة والأمن العام بعد تسليم 14 سوريا

الخميس ، 02 آب/اغسطس 2012، آخر تحديث 23:18 (GMT+0400)

بيروت، لبنان(CNN) -- نددت قيادات سياسية لبنانية بتسليم جهاز الأمن العام لمجموعة من السوريين إلى دمشق، مبدية خشيتها من تعرضهم للموت أو التعذيب.

ودعا مصطفى علوش، القيادي بتيار المستقبل، الذي يقود المعارضة اللبنانية حالياً، إلى التحقيق مع قائد الجهاز، اللواء عباس إبراهيم، وإقالته، متهماً الحكومة بالتبعة الكاملة للنظام السوري.

وقال علوش، في اتصال مع CNN بالعربية، رداً على سؤال حول الموقف من تسليم 14 سوريا إلى دمشق: "بالنسبة لتيار المستقبل ولبنان المؤيد للثورة السورية، فإننا نعتبر أن ما جرى يخالف الشرعية الدولية، ونخشى أن يتعرض السوريون المسلمون إلى السلطات في دمشق لخطر الموت أو التعذيب."

وأضاف القيادي بتيار المستقبل، الذي يقوده رئيس الوزراء السابق سعدالدين الحريري: "يتوجب على الأمم المتحدة وضع السلطات اللبنانية أمام مسؤولياتها ومواجهتها حيال هذا الواقع."

وحول جهاز الأمن العام اللبناني الذي يقوده اللواء عباس إبراهيم، أحد الضباط الشيعة المقربين من القوى الحليفة لسوريا في لبنان، وعلى رأسها حركة أمل وحزب الله، قال علوش: "جهاز الأمن العام تابع بقيادته وجزء كبير من تركيبته إلى توجيهات القيادة السورية الحالية، وهو جزء من المخابرات السورية، ويعمل بتوجيهاتها."

وبالنسبة للمطالبات بإقالة إبراهيم، قال علوش: "يجب إقالة قائد جهاز الأمن العام، ولكن بعد إجراء تحقيق كامل يعمل على تحديد المسؤوليات، لأن هناك قوى محلية إقليمية تقف خلف ما جرى، وعلينا بالتالي التحقيق مع قائد الجهاز قبل إقالته."

ونفى علوش أن تكون القوى السياسية اللبنانية المنضوية ضمن تحالف "14 آذار" المعارض للحكومة اللبنانية الحالية ولنظام دمشق، قد علمت بوجود موقوفين سوريين لدى الأجهزة الأمنية، مؤكداً أن تيار المستقبل "كلف أحد نوابه بمتابعة القضية والبحث في موضوع وجود معتقلين آخرين."

وحول انعكاس الخطوة على الموقف اللبناني الذي يعتمد رسمياً شعار "النأي بالنفس" عن الأوضاع في سوريا، قال علوش: "النأي بالنفس هو كذبة بعيدة عن الحقيقة منذ عدة أشهر، وظهر ذلك من خلال عمليات خطف معارضين سوريين، وكذلك اختطاف (نائب الرئيس السوري السابق) شبلي العيسمي."

وأضاف النائب اللبناني السابق، أن هذا الأمر ظهر أيضاً من خلال "ممارسات السفير السوري في بيروت، والاعتداءات على الحدود،" واعتبر أن هذه القضية "مجرد استكمال لهذا الواقع" فحكومة (رئيس الوزراء نجيب) ميقاتي تابعة لسوريا وليست جهة نائية بنفسها."

وكانت تقارير إعلامية في لبنان قد أشارت إلى قيام جهاز الأمن العام بتسليم 14 سوريا إلى دمشق الأربعاء، مضيفة أن مجلس الوزراء ناقش الأمر بعد تسرب المعلومات بشأنه، وسط جدل حول قانونية الخطوة.

ونقل موقع الحزب التقدمي الاشتراكي المشارك في الحكومة أن أحد ممثليه في الحكومة، وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور، أكد وجود ناشطين سياسيين بين من جرى تسليمهم.

كما نقل الموقع تصريحات بارزة لرئيس الحزب، النائب وليد جنبلاط، الذي يتصاعد منذ أشهر موقفه المعارض للنظام السوري، إذ قال: "ها هو مدير عام الأمن العام يقدم دليلاً جديداً على انصياعه المطلق للنظام السوري. فإذا به يقوم بتسليم 14 مواطناً سورياً لجأوا إلى لبنان هرباً من قمع النظام، ومن بينهم أربعة ناشطين سياسيين، تحت حجة أنهم مطلوبون للقضاء السوري في تهم مختلفة."

وأضاف جنبلاط: "قد يكون من المفيد تذكير سعادة اللواء أن سوريا في زمن البعث وما سُمّي بمرحلة الاستقرار لم يكن هناك فيها أي مفهوم فعلي للقضاء المستقل، اسوةً بكل الأنظمة الاستبدادية، فكم بالحري في هذه المرحلة التي سقطت فيها كل الضوابط الأخلاقية والسياسية عند النظام الذي امتهن القتل والاستبداد والقمع من دون رأفة أو رحمة."

وأكد جنبلاط رفضه الكامل لتسليم أي مواطن سوري لجأ إلى لبنان "تحت أي ذريعة من الذرائع ولأي سبب كان،" واعتبر في الأمر "انحيازاً إلى النظام السوري وخضوعاً له، وهذا ما قد يتطلب إعادة النظر بكامل الموقف السياسي المتعلق بما إصطلح على تسميته 'النأي بالنفس،'" وطالب بإقالة إبراهيم إذا اقتضى الأمر.

من جانبها، نقلت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية عن رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في بيروت، السفيرة أنجلينا إيخهورست، قولها: "أخذنا علما بالتقارير حول ترحيل 14 سوريا إلى بلادهم. ونحن على اتصال بجميع شركائنا، الحكومة والأمن العام والمنظمات غير الحكومية، للاطلاع على الوقائع. إن هذا النوع من التقارير يثير قلقنا ، وإنما يجب التأكد من هذه المعلومات."

وأضافت: "لقد صادق لبنان على اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، ويتعين عليه احترام التزاماته الدولية، ويجب ألا يعمد إلى ترحيل أشخاص من الممكن أن يتعرضوا للتعذيب أو سوء المعاملة. وقد سبق أن حصلنا على ضمانات من الحكومة اللبنانية تؤكد فيها على أنها ستبذل كل ما في وسعها لحماية السوريين اللاجئين في لبنان."

كما حاول جهاز الأمن العام توضيح موقفه فنشر عبر الوكالة الرسمية بياناً، جاء فيه أن أي قرار يقضي بترحيل رعايا سوريين أو عرب أو أجانب، "هو قرار مبني على ملفات قضائية وأمنية تلتزم المعايير التي نصت عليها اتفاقيات ومعاهدات إقليمية ودولية، ويستثنى من هؤلاء من يثبت أنه قد يتعرض للخطر في بلاده إذا تم ترحيله، وهذه الإجراءات الخاصة بالرعايا السوريين بوشر العمل بها منذ بدء الأحداث الأليمة في بلادهم."

وتابع البيان: "وعليه، فإن القرار الذي قضى بترحيل السوريين الأربعة عشر قد استند إلى أفعال جرمية ومخالفات ارتكبت خلال وجودهم في لبنان،" ونسب إليهم مجموعة جرائم بينها السرقة والتعدي على منزل ضابط وشتم المؤسسة العسكرية، واستعمال مستندات مزورة، والتحرش الجنسي، والتعدي على ملكية فردية.

وتمنت المديرية من جميع المعنيين "إخراج هذا الملف من البازار السياسي والإعلامي ووضعه في إطاره الطبيعي، وعدم التشويش على الدور الذي تقوم به المؤسسة" وفقاً للبيان.

يشار إلى أن عشرات الآلاف من السوريين نزحوا إلى لبنان بسبب الأوضاع الأمنية في بلادهم، حيث تقول الحكومة اللبنانية، التي تسيطر عليها قوى "8 آذار" المرتبطة بعلاقات تحالف مع النظام السوري، إنها "تنأى بنفسها" عن الأوضاع في ذلك البلد.

أما المعارضة اللبنانية فتتهم الحكومة بالخضوع للسياسات السورية ومخالفة الموقف العربي المشترك من الوضع في دمشق، والسكوت عن التجاوزات الحدودية التي يقوم بها الجيش السوري، والتي راح ضحيتها عدة قتلى وجرحى على الجانب اللبناني، كما اندلعت اشتباكات بين مؤيدين للنظام السوري ومعارضين له بشمالي لبنان.