CNN CNN

مصر: استنكار واسع للفيلم "المسيء" وتوقيته يثير الشكوك

الجمعة، 12 تشرين الأول/أكتوبر 2012، آخر تحديث 15:00 (GMT+0400)

القاهرة، مصر (CNN)-- أدى الإعلان عن فيلم اعتبر "مسيء" للإسلام بالولايات المتحدة الأمريكية، إلى اشتعال الغضب بالمنطقة العربية، وخاصة في مصر وليبيا، حيث هاجم محتجون مقر السفارة الأمريكية بالقاهرة، فيما قُتل السفير الأمريكي لدى ليبيا، في هجوم صاروخي على مقر قنصلية الولايات المتحدة في مدينة بنغازي.

ورداً على الفيلم، الذي قام بإنتاجه عدد من "أقباط المهجر"، قال الرئيس المصري، الدكتور محمد مرسي، إن الشعب المصري، بمسلميه ومسيحييه، قد رفضوا هذا "التطاول على المقدسات"، مشدداً على أن الدولة المصرية مسؤولة عن حماية الممتلكات الخاصة والعامة، وكذلك البعثات الدبلوماسية، ومقرات السفارات للدول المختلفة.

وفيما كشف مرسي عن تكليفه السفارة المصرية في واشنطن باتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد منتجي الفيلم المسيء للنبي محمد، فقد أكد أيضاً على "حق التظاهر السلمي في حدود القانون"، وأن الدولة ستتصدى "بكل حزم لأي محاولة غير مسؤولة، للخروج عن القانون."

وبينما شدد الدكتور محمد الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، في تصريح لـCNN بالعربية، على أن قتل السفير الأمريكي ببنغازي "غير جائز شرعاً، ويسئ للإسلام"، فقد شكك في توقيت الإعلان عن هذا الفيلم، والذي يوافق ذكرى هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2011، معتبراً أنه "يحمل دلالات تهدف إلى أن هناك اتهام موجه للإساءة لنبي الإسلام، والترويج بأنه دين يدعو للإرهاب."

وبينما تشير أصابع الاتهام إلى أن مروج هذا الفيلم، هو موريس صادق، أحد "أقباط المهجر"، الذين يعيشون في الولايات المتحدة، فإن بعض وسائل الإعلام أشارت إلى أن مخرجاً إسرائيلياً أمريكياً، يقف وراء هذا الفيلم.

وقال الجندي إن "مجموعة موريس صادق، وبعض المنظمات الأمريكية أو الإسرائيلية، التي تهدف لتأجيج الفتن، ربما وراء هذا الفيلم، حيث يسعون لتمزيق الأمة المصرية، لاسيما وأنهم يدعون لإقامة مؤتمر لتقسيم مصر، في ذكرى نصر أكتوبر/ تشرين الأول" الماضي.

وأضاف أن الفيلم يمثل "صدمة لجميع المسلمين ومحبي الرسول عليه السلام"، حيث يتناول "منطقة مقدسة لا تخضع لحرية التعبير والإبداع"، بحسب قوله، حيث يدعو لتنظيم "يوم عالمي لمحاكمة نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام."

من جهته، قال الناشط القبطي، جون ميلاد، إن "إنتاج هذا الفيلم في هذا التوقيت، غير طبيعي وليس تلقائياً، ويهدف لتأجيج الفتن والمياه الراكدة، خاصةً بعد قتل السفير الأمريكي في ليبيا، مما يخلق أجواء من التوتر، لتنفيذ أغراض تصعيديه، مثلما حدث بأحداث 11 سبتمبر، والتي أثارت علامات استفهام، لتجهيز مكاسب أمريكية في ظل الصعود الإسلامي،" على حد قوله.

وأضاف الناشط القبطي: "يتضح مما يحدث أن هناك محاولات من بعض الجهات، لتصعيد فكرة أن الإسلام دين يدعو للإرهاب، وذلك بإنتاج هذا الفيلم المسيء"، مشيراً إلى أن الأقباط أو غيرهم، "لا يمكنهم أن يقبلوا الإساءة لأي دين، أو عقيدة، حتى وإن كانت غير سماوية، فكل شخص له حرية ما يعتقد."

أما الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، محمد عز العرب، فقال إن "توقيت عرض الفيلم يثير الشكوك، كما أن مقتل السفير الأمريكي، يأتي في إطار انتهاز الفرصة، والفراغ الأمني الموجود هناك، وانتشار تجارة السلاح، ولكن قتله ربما يرسخ لفكرة الهجوم على الإسلام."

وأضاف عز العرب أنها لم تكن الحادثة الأولى، فقد سبقتها حوادث مماثلة في هولندا والدنمارك، حيث تقوم "بعض التيارات المتشددة خارجياً، بمحاولات لاصطناع نوع من المواجهات بين الغرب والشرق لإحداث فجوة كبيرة، خاصة في ظل صعود الإسلاميين للحكم، بعد ثورات الربيع العربي."

أما المفكر القبطي، جمال أسعد، فقال إن الفيلم المسيء للرسول، والذي يدعو لمحاكمته، يسيء إلى المسلمين، ويؤجج الفتن، حيث ينتج عنه سلوك غير منضبط، مثل اتخاذ هذا الأمر ذريعة للهجوم على السفارة الأمريكية في بنغازي.

وحول إعلان موريس صادق، أحد أقباط المهجر، أنه وراء هذا الفيلم، قال أسعد إنه "شخص أسقطت جنسيته، ولكن المصريون يعتبرونه مصري مسيحي، وبالتالي ينظر بعض المسلمين للأقباط بأنهم وراء ما يحدث"، مشدداً على أن "هذا الفيلم ليس له علاقة بحرية الرأي أو الإبداع، كما لا يفيد الأقباط، بل يتناقض مع عقيدتهم، ولا يتفق مع القيم السماوية."

وأوضح المفكر القبطي أن "هذه الإساءة ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، فمنذ عقدين تحديداً، وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي، وبروز الإسلاميين، ونحن نعيش في تصعيد مباشر أو غير مباشر، فيما يسمى بصدام الحضارات، وذلك بطرح الصراعات الدينية بديلاً عن الإيديولوجيات السياسية."

وتابع أسعد قائلاً لـCNN بالعربية: "وجدنا الكثير من المنازعات، وكانت أحداث 11 من سبتمبر/أيلول حدثاً تاريخياً مفصلياً، غّير أشياء كثيرة، وكانت من الأحداث التي أثرت على العالم بأثره."

وأشار إلى أنه ومع صعود الإسلاميين إلى السلطة، كبديل للنظم الليبرالية، فقد "أصبحنا نجد إساءات متبادلة بين المتطرفين المسيحيين والإسلاميين، مما يزيد الأمور اشتعالاً، فكانت هناك رسوم مسيئة دنماركية، ثم هذا الفيلم، وهي كلها أمور تصعيديه تؤدى إلى تأجيج الفتن."

يُذكر أن النائب العام المصري، المستشار عبد المجيد محمود، قرر في وقت سابق الأربعاء، وضع أسماء تسعة من "أقباط المهجر"، إضافة إلى القس الأمريكي تيري جونز، على قوائم ترقب الوصول، كما أمر بتكليف نيابة أمن الدولة بالتحقيق في البلاغات المتعلقة بـ"ازدراء الدين الإسلامي"، والتي تتهم هؤلاء "الأقباط" بـ"الخيانة العظمى، والسعي لتقسيم مصر."