CNN CNN

كيف انتهى القرضاوي ونصرالله بربيع العرب لانقسام طائفي؟

الأحد، 09 حزيران/يونيو 2013، آخر تحديث 10:03 (GMT+0400)
 

(المقال لجنفياف عبدو وهي باحثة في مركز ستيمسون ومعهد بروكينغس وآخر مؤلفاتها هو كتاب: الطائفية الجديدة: انتفاضات العرب وإعادة ولادة الانقسام الشيعي السني. والمقال يعبّر عن وجهة نظرها الشخصية ولا يعبّر عن آراء CNN)

عندما دعا الداعية السني يوسف القرضاوي أنصاره من المسلمين السنة إلى الالتحاق بالقتال ضد نظام الرئيس بشار الأسد، فإنما كان عمليا يصب الزين على نار النزاع السني الشيعي في الشرق الأوسط في عدد من الدول، وعلى أن يبدأ في دول أخرى.

وقال القرضاوي إنه لا يهاجم جميع الشيعة، ولكن كان ذلك بالتحديد تأثير كلماته الحارقة.

ووصف القرضاوي الرئيس السوري، بشار الأسد، وحزب الله اللبناني وإيران وروسيا، قائلا إن العلويين الذين وصفهم بـ"النصيرية" هم "أكفر من اليهود والنصارى" على حد قوله،
كما وصف حزب الله اللبناني بكونه "حزب الشيطان."

والأخطر في كلماته جاءت عندما تساءل بمعنى يعنيه "كيف يمكن لمائة مليون شيعي أن يهزموا 1.7 مليار سني؟"

وأجاب في خطبة الجمعة في 31 مايو/ أيار في الدوحة "لأنهم (السنة) ضعفاء" في تحريض واضح على الذهاب إلى القصير.(مزيد من التفاصيل).

وفي الحقيقة فإنّ هذه العبارات التحريضية ليست جديدة على القرضاوي الذي حذّر في 2008 من "تشيّع" الشرق الأوسط، ولكنه يعرف هذه المرة، أن كلماته ستزيد من دفع الوضع إلى مزيد من التدهور في سوريا والعراق ولبنان.

كما من شأن كلماته هذه المرة أن تثير الأغلبية السنية في المملكة العربية السعودية والأغلبية الشيعية في البحرين التي تحكمها اقلية سنية تعاني منذ مدة انتفاضة.

ليس ذلك فقط، بل من المرجح أن تؤثر كلماته على الوضع في مصر التي بدأ الحديث يتنامى فيها فجأة حول مخاوف من تسلل شيعي من إيران.

واختار القرضاوي، الشخصية الدينية المثيرة للجدل لدى الغرب والذي له ملايين الأتباع في من ضمن المسلمين السنة، توقيت خطبته في ضوء خطاب زعيم حزب الله حسن نصر الله الذي اعترف بسرّ كان معلوما لدى الكثيرين ألا وهو القتال إلى جانب الأسد في نزاع سوري داخلي.

وتماما مثل القرضاوي، قال نصرالله إنّ انتقاداته للسنة ليست موجهة لجميعهم ولكن كلماته زادت أيضا من الشحن الطائفي.

بذلك انتهى الأمر إلى ما هو أكثر إخافة: أنّ السر المعروف بشأن انتشار الهوة الطائفية في المنطقة، بات الآن أمرا معروفا علنا ومعترفا به.(مزيد من التفاصيل).

وفي الماضي، كان كلاهما يغمز من قناة الخلافات الطائفية بكيفية "محتشمة" أو بالتلميح بل تبادلا في بعض الأحيان من دون خطاب مباشر، عبارات "التقارب" مثلما كان الأمر مع نصرالله الذي قال إن حزب الله قاتل إسرائيل باسم "جميع المسلمين" وكذلك الشأن بالنسبة إلى القرضاوي الذي كان يتحدث عن ضرورة التقارب بين السنة والشيعة.

في خطبة الجمعة في 31 مايو/ أيار، عاد القرضاوي إلى ذلك الموضوع وأوضح كيف أنه كان يزور إيران ويلتقي علماءها ولكن "هؤلاء المتشددين (في إيران) خيبوا أملي."
أول دولة يبدو أنها فعلا سقطت في هوة الطائفية السحيقة بعد كلمات القرضاوي ونصرالله هي من دون شك سوريا.

وإذا ذهب الجميع إلى التفاوض فمن المرجح أن الأقلية العلوية بقيادة الأسد ستشكل دولته الخاصة بعيدا عن السنّة.

وفي العراق يحاول رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي المحافظة على سيطرة الشيعة من خلال إقصاء السنة من المواقع المفصلية في الدولة بل إنه لا يتوانى في وصفهم بالإرهابيين.

ويشهد العراق الآن عودة إلى الاشتباكات السنية-الشيعية، هي الأعنف منذ 2006.
وعلى المدى المتوسط، وبعد اختياره العلني لصفه، سيتقلص تأثير نصرالله مقابل صعود لتأثير القرضاوي.

وبعد أن لقي دعما من السنة لقتاله إسرائيل عام 2006، يكون نصرالله باختياره دعم الأسد بالقتال والسلاح والعتاد والمقاتلين قد اختار بنفسه أنه يترجم هوية حزبه لكونها مجرد ميليشيا طائفية تقاتل في حرب لا تعرف نتيجتها.

في الجهة المقابلة، سيكون تأثير القرضاوي متناميا بصرف النظر عن نتيجة الحرب في سوريا، أخذا بعين الاعتبار الظروف الموضوعية في المنطقة والتي يمسك فيها بالسلطة مقربون منه.

وعلى أية حال فإنّ كلمات الرجلين تترك هامشا ضئيلا من الأمل في التطبيع بين السنة والشيعة، وبدلا من ذلك فهي تصب في مصلحة دعوة مفتوحة لزيادة التقاتل الطائفي، والذي يبدو أنّه على الأرجح وأكثر من أي وقت مضى، أكثر نتيجة وضوحا لانتفاضات العرب مؤخرا.



ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.

الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.