CNN CNN

رأي ..إيران في 2014: لا تتوقعوا أن يغيرها روحاني

بقلم:ميخائيل روبن
الخميس ، 26 كانون الأول/ديسمبر 2013، آخر تحديث 15:31 (GMT+0400)
 

(CNN)-- السنوات الأخيرة كانت سنوات التغيير في إيران، الإيرانيون ذهبوا إلى صناديق الاقتراع، وانتخبوا حسن روحاني، الذي أعاد رئاسة إيران، بعد سنوات أحمدي نجاد الثماني، إلى يد الإصلاحيين. دبلوماسية روحاني الساحرة والهجومية، الاتصال الهاتفي مع باراك أوباما، والاتفاق النووي المرحلي، أحدثت تغييرا في المزاج الدولي، ولكن على نفس القدر من الأهمية، العمل على الصعيد الداخلي.

خلال سنوات أحمدي نجاد، اكتسب قوات الحرس الثوري الإسلامية قوة سياسية واقتصادية لم يسبق لها مثيل. فعدد النواب في البرلمان، المحافظين ونوابهم، والوزراء ونوابهم، الذين كانوا في الحرس الثوري، بلغ رقما لم يصل اليه سابقا في تاريخ الجمهورية الإسلامية. فأحمدي نجاد نفسه كان هو أول رئيس يأخذ شرعيته من الوقت الذي قضاه في الجيش خلال الحرب بين إيران والعراق، أكثر من دعم الدوائر الدينية له. الماضي أصبح حاضرا، فشبكة رفاق السلاح في خنادق الحرب الإيرانية العراقية، يشكلون الخط البياني لصناعة القرار الرسمي في الجمهورية الإسلامية. 

هنا يكمن التحدي، ففيما كانت التوقعات تشير إلى أن روحاني سيغير الجمهورية الإسلامية  من الداخل وعلى الصعيد الدبلوماسي، لم يكن واضحا أنه يرغب بفعل ذلك، روحاني الحقيقي تحرك بهدوء نحو فك ألغاز الحرس الثوري الممسك بالسياسة الإيرانية، فاستبدل الوزراء، وأنهى خدمات محافظين ممن يستندون إلى خلفية في الحرس الثوري، وفي حالات عديدة تم استبدالهم برجال مخابرات سابقين، وبالتوازي بإيرانيين عاديين، وفي الحقيقة فإن إقصاء الحرس الثوري من الاقتصاد سيكون أمرا صعبا: خاتم الأنبياء، الجناح الاقتصادي للحرس الثوري، يسيطر على 40 % من اقتصاد البلاد، ومنح أحمدي نجاد المجموعة المليارات، عن طريق عقود بدون مناقصات في قطاع الطاقة وحده خلال فترة رئاسته، فموقع الحرس الثوري من المستبعد التخلي عنه، حيث يعطي الاستقلال المالي للجيش.

السنة القادمة ستكون حاسمة بالنسبة للرئيس، الذي انتهت فترة شهر العسل بالنسبة له، فصبر الإيرانيين له حدوده، وعلى روحاني ان يتذكر تجربة الرئيس الأسبق محمد خاتمي، الذي أسر خيال الشعب عام 1997 بحديثه عن الحوار المدني، وخطابه الإصلاحي.

وتمسك الشعب الإيراني بالأمل والتحدي حتى عام 1999، حين أعيدت إغلاقات الصحف، وهوجمت مساكن الطلبة من قبل قوات الأمن، وتعالت الاحتجاجات العامة لتصبح أكبر احتجاجات ضد الحكومة منذ قيام الثورة الإيرانية. لقد كنت في طهران حينها وشاهدت ما بعد الكارثة. الإيرانيون العاديون تجمعوا في البيوت، وأمام المحلات، والفنادق لمتابعة خطاب المرشد الأعلى علي خامنئي، في تعاطيه مع الاحتجاجات.

كانوا يأملون بأن يدعو إلى العدالة ويصادق على الإصلاح، وبدلا من ذلك، أنب المحتجين، وألقى بثقله كاملا لدعم قوات الأمن التي كانت عدوانية في الأيام السابقة. حدا الإيرانيون الأمل بأن يتكلم خاتمي عن حقوقهم، إلا أن الإصلاحي المبتسم، التزم الصمت فيما كانت قوات الأمن تعتقل الآلاف، وتعتدي بشكل مهين على المئات.

 لقد كانت اللحظة التي أدرك فيها الإيرانيون، بأن آمالهم في خاتمي أجهضت على أحسن تقدير، إذا لم تكن ثقتهم قد وضعت في غير محلها. المرشد الأعلى ومنتفعو الحرس القديم هم ببساطة  أكبر من أن تتم  السيطرة عليهم. خاتمي، مثل خليفته أحمدي نجاد، أصبحا مثل البطة العرجاء، وفقا لمخطط . فالمرشد الأعلى يفضل أن لا يقصي منافسيه، ولكن يضعفهم إلى درجة العجز. ووقت روحاني الآن بات محدودا.


ليس غريبا أن تستشري السخرية في إيران، فالإيرانيون قد يؤمنون بروحاني، ولكن صبرهم لن يكون بلا حدود، خاصة في ظل الفجوة بين توقعات العامة، وحقيقة السياسة. سجل روحاني الإصلاحي كان متضاربا في أحسن الأحوال. فبينما كسب في إطلاق سراح معارضين منشقين، واصلت قوات الأمن اعتقال المزيد. وزاد النظام من عدد حالات الإعدام، للتأكيد بأن لا يخلط المواطن العادي بين الانجازات الدبلوماسية في الخارج، والتقليل من الالتزام بأيديولوجية الثورة في الداخل. رمزية رفض النظام السماح لخاتمي بالسفر للمشاركة بجنازة نلسون مانديلا، واستمرارها في تقييد سفره، رسالة سيفهما الشعب الإيراني.

ينتظر الإيرانيون أيضا ليروا ما إذا كان روحاني سينجز وعوده بإصلاح الاقتصاد المتهالك. فمركز الإحصاء الأيراني يقول إن الاقتصاد انكمش بنسة 5.4 % ، خلال السنة الماضية، في حين بلغت نسبة التضخم رسميا حدود الـ 30%، بحسب مؤشر البنك المركزي الإيراني لأسعار المواد الغذائية، التي تشمل السلع الأساسية مثل الخضار، والأرز، والفواكة، واللحم، والشاي، والتي ازداد سعرها بحدود 50 إلى 70 %. المعونات  التي توزع بسبب العقوبات لا تفي بكثير من احتياجات الإيرانيين : ففي حين كان للعقوبات أثرها، لم يعد سرا بين الإيرانيين بأن السبب وراء ضعف أداء الاقتصاد الإيراني، هو سياسة سيطرة الدولة، ضعف الإدارة، الهمجية، وسياسة الدعم الشعبي.

 
سوف يتضح في السنة المقبلة بشكل حاسم أين يقف روحاني من أولويات الاستثمار. إعلان 14 ديسمبر من وزير النفط بأن معدل عائدات النفط ستكون فوق 11 مليار دولار أمريكي، بسعر افتراضي 92 دولار للبرميل عشية وضع المسؤولين للميزانية، يرغمهم على اتخاذ قرار حول ما ينبغي فعله بهذا الفائض. هل يدعموا به حزب الله، أو المليشيات السورية المؤيدة  للأسد، وبعدها يظهر روحاني بأنه غير قادر أو لا يرغب بالتغيير. وهناك سوابق مماثلة لهذا الاحباط. فخلال فترة الرئاسة الثانية لخاتمي، تضاعف حجم التجارة الإيرانية مع أوروبا، وبالتزامن مع ذلك ارتفع سعر برميل النفط بشكل غير مسبوق. ونوعا ما ضخ الاستثمار عملة صعبة في الاقتصاد الإيراني، وقد ذهبت حصة الأسد للبرنامج النووي، وبرنامج الصواريخ البالستية، ما أظهر خاتمي منافقا ، أو احتمال أن يكون صادقا ولكنه لا يمسك بزمام السلطة.

ربما يكون روحاني مخلصا، ولدية رغبة حقيقية لحل مشاكل إيران التي لا تحصى، وأزماتها الخارجية، ولكن الرؤساء الإيرانيين يكونون أكثر قوة في مستهل عهدهم، ويفقدون قوتهم بسرعة مع مرور الوقت فلا الإصلاحيين الديمقراطيين أو الليبراليين كما يوصفون غالبا في الخارج،  ينخرطون بشكل كامل ضمن النظام العقائدي، ولكنهم ببساطة يريدون الالتفاف على التطبيق. الشعب الإيراني والمجتمع الدولي ربما يأملون بالتغيير، ولكن 2014 ربما تكون السنة المناسبة ليصلوا إلى حقيقة أن الامبراطور عار.

كيف سيتعامل الدبلوماسيون الإيرانيون والغربيون مع التوقعات غير الملباة، ومع الاقصاد الإيراني؟ سيكون كالعادة هو سؤال الـ 64 مليون ريال

ما ورد في المقال يعبر حصرا عن رأي كاتبه ولا تتحمل CNN مسؤوليته



ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.

الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.