CNN CNN

دفتريوس: حنكة قطر جعلتها تستفيد من صراع بورش وWV

الخميس ، 07 شباط/فبراير 2013، آخر تحديث 15:18 (GMT+0400)

الزميل جون دفتريوس، معد ومقدم برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" الجديد يقوم بتسجيل انطباعاته ومشاهداته أسبوعياً، ويطرح من خلالها، وبلغة مبسطة، رؤيته لاقتصاد المنطقة، انطلاقاً من خبرته الطويلة في عالم الصحافة الاقتصادية.

وفي هذا الأسبوع، يكتب جون زاويته حولالصفقة الأخيرة التي أجرتها قطر في ألمانيا مع "بورش" وفولكسفاغن" لصناعة السيارات، متطرقاً إلى إنجازات هذه الدولة في المجال الاقتصادي.

الدوحة انتظرت انتهاء ''شد الحبال'' لتدخل على خط الصفقة
الدوحة انتظرت انتهاء ''شد الحبال'' لتدخل على خط الصفقة

لندن، بريطانيا (CNN) -- شهدنا جميعنا مؤخراً على معركة اشتعلت بين مجالس الإدارات في قلب القاعدة الصناعية الألمانية في شتوتغارت. فمن جهةٍ نجد فندلين فيدكينغ المدير العام لبورش يقابله في الجهة الأخرى فردينان بيخ، رئيس مجلس إدارة فولكسفاغن وعضو إحدى العائلات المؤسسة لبورش.

وبعد سلسلةٍ من الاجتماعات المكثّفة للمجلس، استُبعد فيدكينغ عن منصبه بعد فشل محاولته في الاستيلاء على منافسه الأكبر، فولكسفاغن. هذه القصّة بحدّ ذاتها ليست بهذه الغرابة، فلقد أصبح صراع القوى بهذه الطريقة الشرسة هو المعيار السائد في عالم الأعمال؛ ولكن، ما يثير التساؤلات في القصّة هو دور الفريق الثالث، والذي يصدف أنّه للأسرة الحاكمة في قطر.

إذ كان فيدكينغ يأمل بأن يحصل على استثمارٍ بقيمة 10 مليارات دولار من قطر أي ما يعادل حصّةً نسبتها 25 في المائة من بورش، إلى جانب خيار شراء حوالي 20 في المائة من فولكسفاغن. وبذلك كانت قطر بمثابة "الفارس الأبيض" المنقذ لفيدكينغ الذي سيساعد مصنّع السيارات الرياضيّة الألماني على المحافظة على استقلاله.

ولم يمضِ شهرٌ بعد على نشر وسائل الإعلام الألمانية لخبر صفقةٍ "وشيكة" وترقّب قطر لإضافة علامة مرموقة إلى حقيبة استثماراتها، ولكن القصّة لم تُختتم بهذه الطريقة، إذ إنّ المسؤولين القطريّين، بقيادة رئيس الوزراء الشيخ حمد بن جاسم بن جابر آل ثاني، لم يتسرّعوا في القيام بأي خطوة وأبقوا، كما يذكر قولٌ بريطاني، بارودهم جاف، منتظرين بكلّ حكمةٍ انتهاء لعبة شدّ الحبال الألمانية هذه.

وتجدر الإشارة إلى أنّ عرض قطر باستثمار هذا المبلغ الضخم من المال مثيرٌ للاهتمام على أكثر من صعيد. فمن شأن ذلك أوّلاً أن ينقل قطر إلى ألمانيا، إلى سوقٍ جديدة، وهي السوق الألمانية الأكبر في أوروبا. ولقد سبق أن رأينا الهيئة العامة القطرية للاستثمار تبتاع حصصاً في بنك "باركليز" و"كريدي سويس" بالإضافة إلى سلسلة متاجر السوبر ماركت "جيه سينسبري". أمّا هذه الصفقة فتقع في فئةٍ مختلفة.

وكانت قيمتها لتجعلها الاستثمار الأضخم بمرّتين على أقل إلى اليوم بالنسبة لصندوق قطر السيادي، وكانت لتزيد مستوى المخاوف في ألمانيا حيال الصفقات الأجنبية، ويقول في هذا الإطار سفن بيهرينت، المختص في صناديق الثروات السيادية لدى مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، إنّ ألمانيا سنّت تشريعاً مؤخراً، مماثلاً لذلك في الولايات المتحدة، يقضي بمراجعة أي استثمار غير أوروبي.

وكما أشار لي بكلّ وضوحٍ أحد أبرز أصحاب المصارف على خلفيّة ذلك، من المستحيل أن تقبل الحكومة بأن يكون أيّ كيانٍ أجنبي المساهم الأكبر في أيقونة ألمانية بهذه الضخامة، أكانت بورش أم فولكسفاغن. وما يزيد الأمور تعقيداً هو أنّ ولاية سكسونيا السفلى  تحمل 20.1 في المائة من أسهم فولكسفاغن.

كما أنّ خطوة قطر كانت مذهلة أيضاً من حيث أنّها تلقي الضوء على تقدّم هذه الدولة السريع. وفي مقابلةٍ أجريتها هنا في لندن، جال بيّ وزير الاقتصاد والمال القطري، يوسف حسين كمال على تلك الأوقات التي لامسوا فيها حافة الإفلاس قبل عشر سنوات. وما كانت تلك الأزمة المالية إلاّ أن دفعت بالبلد إلى التركيز على الموارد الداخلية والاستثمار في توسيع عمليّات استخراج النفط، والأهم من ذلك استخراج الغاز الطبيعي.

واليوم تنتج قطر ما يزيد عن ثلاثة ملايين برميلٍ في اليوم إذا جمعنا صادراتها من غازٍ ونفطٍ معاً، كما تملك فائضاً يعادل نصف تريليون دولار، وهو رقمٌ يرتفع بسرعةٍ هائلة.

ويحتوي صندوق قطر السيادي، رسمياً، على 65 مليار دولارٍ "فقط" ويتوقّع أن يصبح 100 مليار دولارٍ في غضون سنواتٍ قليلة جداً. ولكن، حتى هذا الرقم يضلّلنا قليلاً، فلقد عمل أمير قطر ومجلس وزرائه بكل حكمة لنشر هذه الثروة في عددٍ من الكيانات ومنها مؤسسة قطر للتربية والعلوم. وسيتّضح لكَ كلّ ذلك بسرعة إذا زرت الدوحة اليوم إن لم ترى بعد ما يتمّ تطويره بسرعة فائقة.

وكما وضّح الوزير كمال، تستغلّ قطر منفعة كونها المصدّر الأكبر للغاز الطبيعي لبناء ثلاثة خطوط إضافية من الخبرة في المنطقة: الخدمات المالية (وبخاصةٍ في سوق التأمين) والرعاية الصحيّة وأخيراً التعليم العالي والتدريب التقني.

والهدف من كلّ ذلك، كما يذكر الوزير بكلّ ثقة، هو أن تتجاوز قطر كلياً اقتصاد تصدير مصادر الطاقة، بحلول العام 2020، أو ربّما بعد عامين من ذلك، نتيجةً للأزمة العالمية الراهنة.

ورغم أن انعكاسات الأزمة المالية على قطر دفعتها إلى ضخ السيولة في مصارفها وإعادة تنظيم أصولها العقارية، لكن النمو الحقيقي لهذا العام قد يتراوح بين سبعة وتسعة في المائة، وهذا يقدم لنا صورة جزئية عمّا يحصل في الدوحة وأسباب امتلاكها هذا القدر من رؤوس الأموال التي يمكن لها أن تنفقها في الاستثمار حول العالم ضمن خطتها الرئيسية.



ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.

الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.