CNN CNN

دفتريوس: "إعمار" و"السعد" و"القصيبي" والشفافية بالخليج

الخميس ، 07 شباط/فبراير 2013، آخر تحديث 15:13 (GMT+0400)

الزميل جون دفتريوس، معد ومقدم برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" الجديد يقوم بتسجيل انطباعاته ومشاهداته أسبوعياً، ويطرح من خلالها، وبلغة مبسطة، رؤيته لاقتصاد المنطقة، انطلاقاً من خبرته الطويلة في عالم الصحافة الاقتصادية.

وفي هذا الأسبوع، يكتب جون زاويته من لندن، متناولاً قضية الشفافية في المنطقة عامة، والخليج خاصة، عبر استعراض قضايا شركات "السعد" و"القصيبي" في السعودية، و"إعمار" في دبي.

دفتريوس يثير نقاطاً تتعلق بتطورات في شركات المنطقة
دفتريوس يثير نقاطاً تتعلق بتطورات في شركات المنطقة

لندن (CNN) -- تفرز الأزمة المالية العالمية أساليب جديدة تدفع باتجاه إنجاز أمور معينة، فما كان مجرد طموح في الماضي يمكن أن يجد طريقه إلى حيز التنفيذ طالما أن الأموال متوفرة، إلى جانب الثقة بالمستقبل، غير أن أجواء الاستثمار التي تبدل حول العالم أدت أيضاً إلى تبدل في طبيعة رد الحكومات ورجال الأعمال على تطورات الاقتصاد.

والمثل الأبرز في هذا الإطار هو قضية شركة "إعمار" التي جرى دمجها مؤخراً مع الشركات العقارية التابعة لمجموعة "دبي القابضة" المُدارة من قبل حكومة إمارة دبي، وهي "تطوير" و"سما دبي" و"دبي للعقارات،" التي تدير مشاريع مثل "برج دبي" و"دبي تاورز" ومدينة "دبي لاند" الترفيهية.

وسينتج عن هذا الدمج أولاً تشكيل عملاق عقاري بأصول تبلغ قيمتها 53 مليار دولار، وهو حجم وازن حتى بالمعايير الدولية، وثانياً، فإن سلوك شركات دبي خلال الأعوام الماضية بدل المفاهيم الاستثمارية في المنطقة لأنه أرسى معايير جديدة من الشفافية.

ونظراً لكثرة الشائعات حول صفقة الدمج هذه، اضطرت شركة "إعمار" إلى الكشف عنها دون انتظار استكمال هيكلة الاتفاق، الأمر الذي ترك الكثير من القلق حيال مدى كون ظهور هذا الكيان الجديد مفيداً لحملة الأسهم الحاليين.

ولكن عاصفة الانتقادات السلبية التي رافقت الإعلان عن الصفقة سرعان ما انحسرت، على غرار العواصف الرملية في الصحراء، وفي هذا الإطار، عبر روبرت ماكينن، المدير التنفيذي لشركة "المال كابيتال" عن ثقته بأنه عملية الدمج: "ضرورية وإيجابية للأسواق" من وجهة نظر عقارية.

ولفت ماكينن إلى أن هدف حكومة دبي تخليص سوق العقارات من أزمتها الحالية خلال عامين على أبعد تقدير، عوض تركها تتخبط في وضعها الحالي لعقد من الزمن، غير أنه أثار قضية مهمة تتعلق بعمليات تقدير القيمة السوقية لهذه الصفقة، ومدى قدرتها على منح عوائد مجزية للمساهمين على المدى الطويل.

وإذا ما قارنا وضع المنطقة بأزمة الركود الذي أصاب اليابان في العقد التاسع من القرن الماضي، والمعروف رسمياً لدى اليابانيين بـ"العقد الضائع" بعدما قررت الحكومة عدم التدخل في مسار الاقتصاد، فإننا نستنتج أن دول الشرق الأوسط تعلمت من درس اليابان وقررت عدم ترك الحبل على غاربه.

وفي هذا الإطار، فإن عملية الدمج الأخيرة في دبي ستعطي انطباعاً بأن القطاع الذي فقد 40 في المائة من قيمته في عمليات التصحيح الأخيرة خلال الأشهر الماضية مصمم على النهوض من كبوته، وبالتالي فإن الجميع ينتظر تحديد مصير المشاريع التي سيتم مواصلة العمل بها وتلك التي ستتوقف.

وحتى في الدولة الخليجية الأكبر، المملكة العربية السعودية، فإن مسار التعامل الشفاف مع الأمور يبدو واضحاً من خلال أسلوب التعاطي مع الأزمة المالية لشركتي "السعد" و"القصيبي،" وهو أمر لم يكن مألوفاً في الأعوام الماضية.

ومن المعلوم أن إعادة هيكلة قروض "سعد" و"القصيبي" البالغة ستة مليارات دولار سيشمل أكثر من 40 مقرضاً مختلفاً، وقد اندفع أكثر من 12 مصرفاً في المنطقة لتأكيد انكشافه أمام هذه الأزمة بسبب قروض متعثرة قُدمت للمجموعتين، وإن كانت كل تلك المصارف قد أشارت إلى أن هذه "الأزمة" لن يؤثر على عملياتها.

ولطالما كانت عمليات هيكلة القروض في السعودية - والمنطقة ككل - مسألة معقدة، خاصة وأن الشركات العائلية ليست متاحة للتداول العام، ويرى مسؤولون في المصرف المركزي السعودي أن "الذراع الطويلة" للقانون قد تكون محدودة الصلاحيات في هذه الحالة، وبالتالي، ما لم يتم العثور على أدلة تشير إلى وجود مخالفات قانونية فإن "الشفافية" لن تلعب دوراً كبيراً في هذه العملية.

وقد أكد لي مسؤولون سعوديون عدم وجود "مخاطر بنيوية" في النظام المصرفي للبلاد، غير أن المصارف التي قدمت قروضاً لهذه الشركات العائلية ستواجه نتائج "مؤلمة،" ولا يتطلب الأمر من القارئ الكثير من الذكاء ليدرك أن خطط الحكومة لإنقاذ المصارف لن تدخل حيز التنفيذ لمساعدة البنوك المتعثرة حتى لو اتضح بعد أشهر أن مستويات انكشافها أمام هذه الأزمة هي أدنى مما كان مقدراً في السابق.

ولكن الثابت في قضية إعادة هيكلة الديون بالسعودية وصفقات الدمج العقاري في دبي هو أن الحكومات ما تزال تحرك الأمور من خلف الستارة، ولكن العثور على مسؤول يقبل الظهور علناً للتعليق على هذه القضايا يبقى أمراً صعباً نظراً لشعورهم بضرورة عدم الحديث قبل التأكد من حسن سير الأمور وبأن المرحلة الأسوأ باتت خلف ظهرهم.

ويبقى القول إن المنطقة باتت تظهر المزيد من الشفافية في التعامل مع قضاياها، بما يتناسب مع مرحلة العولمة والانفتاح المعلوماتي في العالم، ولكن الوصول إلى مستويات الإفصاح التامة ما زال مبكراً.



ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.

الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.