CNN CNN

الخصاونة: علاقة الحكومة بالمخابرات العامة ليست صراعاً

متابعة: هديل غبّون
الجمعة، 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، آخر تحديث 01:00 (GMT+0400)

عمان، الأردن (CNN)-- بدأ رئيس الوزراء الأردني المكلف عون الخصاونة مشاورات ماراثونية لتشكيل طاقمه الوزاري الثلاثاء، وسط ضغوطات قوى حزبية ونيابية ومعارضة بضرورة الخروج بتركيبة حكومية بعيدة عن "التكنوقراط"، تعتمد سياسة الانفتاح على القوى السياسية، واحتواء احتقان الشارع الذي تراكم بفعل حكومتين أقيلتا بضغط شعبي واسع.

ويحمل الرئيس المكلف، الذي صدرت الإرادة الملكية بتعيينه رئيسا للحكومة خلفا لمعروف البخيت الاثنين، "إرثا سياسيا واقتصاديا" ثقيلا بحسب مراقبين، رغم "الحفاوة" التي استقبلته بها الأوساط الشعبية والسياسية، باعتباره "قاضيا" في المحكمة العليا الدولية، ولا غبار على "نزاهته."

وحاول الخصاونة من خلال التصريحات الأولى التي أدلى بها لوسائل الإعلام، بث رسائل اطمئنان حول تشكيلة الفريق الوزاري، ومراعاته للتمثيل الديمغرافي والجغرافي واحترام معايير "النزاهة،" عدا عن "تمثيل الأطياف السياسية المختلفة، بمن فيها قوى المعارضة.

ومن جهته أكد الخصاونة في تصريح لموقع CNN بالعربية خلال استقباله لعدد من المهنئين مساء الثلاثاء، أن فريقه الوزاري سيشمل حقائب لقوى المعارضة دون تحديد نسبتها.

وقال إن الحكومة "ستكون هي صاحبة الولاية العامة في البلاد."

وتعد ملفات تأجيل الانتخابات البلدية المقرة نهاية العام والتدخلات الأمنية في الحياة العامة وقضايا الفساد، عدا عن الإصلاحات الدستورية وبعض القوانين، وفي مقدمتها قانون الانتخاب، إضافة إلى الحوار مع الحركة الإسلامية المعارضة، من أبرز الملفات التي تنتظر معالجات من الحكومة المقبلة.

وحول كل تلك الملفات قال الخصاونة: "علاقة الحكومة بالمخابرات ليست علاقة صراع، وثمة تجاوزات سابقة عديدة حصلت واتفقنا على معالجتها... الحكومة هي صاحبة الولاية العامة، والتمثيل فيها سيراعي الجغرافية والديمغرافية والنزاهة."

وحول ملف الانتخابات البلدية قال الخصاونة: "إن الأمر لا قرار لي فيه الآن، فما زلت رئيسا مكلفا، والقرار سيكون لدى الفريق الوزاري حال تشكله."

ورجح الخصاونة أن تعلن التشكيلة الوزارية في مطلع الأسبوع المقبل، إذ بدأ بالفعل مشاوراته ولقاءاته البروتوكولية مع مجلس الأمة والنواب وعدد من السياسيين.

وشهدت البلاد الأشهر الماضية موجة احتجاجات عارمة ضد السياسات الحكومية ومطالبات برحيل الحكومة السابقة، ووقف التدخلات الأمنية وحوادث "الاعتداء" على التحركات الشعبية التي كان من أبرزها ما يعرف بـ"اعتداء ساحة النخيل،" ومن أحداث دوار الداخلية في الرابع والعشرين من مارس/ آذار الماضي.

إلى ذلك، أجمعت أحزاب وسطية مقربة من الحكومة ومعارضة على ضرورة "تغيير النهج السياسي والاقتصادي" للحكومات، فيما تمسكت قوى المعارضة بضرورة تغيير آليات تشكيل الحكومات، في بيانات منفصلة صدرت الثلاثاء.

واعتبرت اللجنة التنسيقية لأحزاب المعارضة الأردنية أن تشكيل حكومة بالآلية ذاتها، يعتبر استمرارا "للحالة المتردية للبلاد وتدوير الأزمات وترحيلها."

ورغم ما أشار إليه الناطق باسم اللجنة، نشأت أحمد، في بيان لها، عن وجود "توافق على شخص الرئيس"، وقال لموقع CNN "إن جوهر الحل هو تبني برنامج وطني متكامل يستند إلى تغيير آلية تشكيل الحكومات لجهة خيار الحكومات المنتخبة."

وتنادي أوساط المعارضة وقوى الحراك الشعبية، بقيام الحكومة الجديدة بالتقدم بمشروع قانون انتخاب عادل التمثيل، وإجراء" تعديلات دستورية" جديدة، إضافة إلى التي أقرت في الثلاثين من شهر سبتمبر/ أيلول المنصرم.

وقال أمين عام حزب الوحدة الشعبية المعارض الدكتور سعيد ذياب، لموقع CNN بالعربية: "إن نجاح الحكومة المقبلة مرهون بإزالة حالة الاحتقان في البلاد، واستعادة ثقة الأردنيين بهيبة المؤسسات، عدا عن ضرورة تقدمها بمشروع تعديلات جديدة على الدستور." 

وتعالت أصوات القوى السياسية والأحزاب بضرورة إعادة النظر بالانتخابات البلدية، التي وصفها مراقبون "بالإرتجالية"، وأدت إلى احتجاجات شعبية بقطع طرق الأسابيع الماضية.

وتضمن كتاب التكليف الملكي للحكومة، ضرورة مراجعة شاملة لمنظومة التشريعات والقوانين، ولملف الانتخابات البلدية، وإجراء حوارات حول ذلك مع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني وقوى الحراك الشعبي.

في الإطار، أكدت الحركة الإسلامية لموقع CNN بالعربية، عزم الخصاونة إجراء لقاء مع ممثلين عنها في وقت قريب، للتباحث حول مشاركتهم في الحكومة والقضايا الخلافية.

وكان القيادي في الحركة، الدكتور ارحيل غرايبة، قال للموقع إن الحكم ما يزال مبكرا على الحكومة، مؤكدا أن الحراك في الشارع لا يتعارض مع وجود حكومة جديدة.

وحددت الحركة مشاركتها في الحكومة، "بنزاهة الطاقم الوزاري وتبنيها برنامجا إصلاحيا سياسيا حقيقيا"، ضمن جدول زمني محدد.

إلى ذلك، اعتبر النائب في البرلمان الأردني الدكتور ممدوح العبادي، أن رحيل حكومة البخيت جاء بعد "إخفاقها في معالجة قضايا الفساد"، وخلق مزيد من الأزمات السياسية في البلاد. 

واعتبر العبادي المذكرة النيابية للعاهل الأردني التي رفعت قبل يوم من إقالة البخيت بأنها "شكلت الشعرة التي قصمت ظهر البعير."

وفي تعليقه على "العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية" للمرحلة المقبلة ، قال العبادي لموقع  CNN بالعربية:" إن أساس تنظيم العلاقة هو اختيار فريق وزاري يتمتع بالنزاهة لسد الثغرات السابقة.. وأن يسعى الرئيس لتقليل تمثيل الشخصيات التكنوقراط فيها لصالح فئات أخرى على أن تكون قادرة على التعامل مع النواب."

وأضاف العبادي قائلا: "المرحلة السياسية المقبلة لا تتحمل أخطاء، والانتخابات البلدية لا بد من تأجيلها.. عدا عن ضرورة معالجة الملفات الأمنية، فلا يعقل أن يمنع نائب مثلي من إجراء لقاءات مع التلفزيون الرسمي لمدة ثلاث سنوات."

هذا، ومن المقرر أن تبدأ الجلسة العادية لمجلس الأمة في السادس والعشرين من شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، فيما أشار العبادي إلى أن الدستور ينص على جواز طرح الثقة بالحكومة الجديدة بعد شهر من تشكلها.

في الأُثناء، لا يخفي المحلل السياسي والوزير الأسبق الدكتور بسام العموش، من جهته، بأن قضية الانفتاح على القوى السياسية بالحوار، خاصة مع الحركة الإسلامية، بات ضرورة ملحة ومهمة أساسية للحكومة الجديدة. 

ووصف العموش التغيير الوزاري بأنه "اضطراري من صاحب القرار."

وأضاف العموش في حديث لموقع CNN بالعربية :" لقد أدركت مراكز صنع القرار في الدولة أن إقصاء المعارضة الإسلامية عن العملية السياسية والحوار ليس من مصلحة البلاد، في الوقت الذي كانت الحركة مكونا أساسيا في تحريك الشارع خلال الأشهر الماضية."

وفيما رأى العموش ضرورة إشراك مختلف الأطياف في الحكومة بالعملية السياسية مستقبلا ، إلا أنه رجح أن يكون نجاح الحكومة مرهونا بقدرتها على إجراء الانتخابات البلدية، ومن بعدها الانتخابات النيابية "بنزاهة ضمن جدول زمني لا يزيد عن العام."

وتوافق العموش مع سابقيه بأن "تركيبة الطاقم الوزاري" من شأنها أن تنعكس على حراك الشارع وتخفيف احتقانه، مضيفا بالقول:" إن المجيء بشخص رئيس حكومة قاض نزيه غير فاسد تحول إيجابي بحد ذاته، وكذلك الأمر بالنسبة للطاقم الوزاري المقبل."

وأعلنت قوى سياسية وحزبية وأخرى على صلة بالحراك الشعبي عن استمرار الاحتجاجات نهاية الأسبوع، تحت مسمى "جمعة العشائر" في محافظات عدة من البلاد، ضد الاعتداء الذي وقع السبت الماضي على مهرجان للإصلاح من مناوئين أسفر عن إصابات وتحطيم سيارات.