CNN CNN

هل يراوغ نظام الأسد بموافقته على المبادرة العربية؟

الاثنين، 20 شباط/فبراير 2012، آخر تحديث 14:33 (GMT+0400)

دمشق، سوريا (CNN) -- أثار قرار الحكومة السورية الموافقة على المبادرة العربية جملة من ردود الأفعال المتباينة بين مؤيد يرى فيه خطوة إيجابية للوصول إلى حل سياسي سلمي، ومعارض يؤكد أنه محاولة مجرد مراوغة من قبل النظام لكسب الوقت.

وتقضي الخطة العربية بوقف إطلاق النار وسحب الآليات العسكرية من المدن والمناطق السكنية وإطلاق سراح المعتقلين وإيجاد آلية لمتابعة وقف العنف على الأرض من خلال المنظمات العربية والسماح بدخول الإعلام العربي والدولي ثم بدء حوار وطني برعاية الجامعة العربية بين النظام السوري وكل مكونات المعارضة السورية.

ويرى الباحث السوري شادي جابر أن القرار الأخير يمثل خطوة إيجابية بالاتجاه الصحيح، و"إذا ما تم الالتزام ببنوده وتنفيذها عملياً من قبل السلطة أولاً، وبقية الأطراف تالياً، فإن ذلك سيفتح الباب أمام التوصل إلى حل سياسي توافقي يعفي البلاد من مخاطر حقيقية وكبيرة تحدق بها".

ورأى في هذا الاتفاق خطوة إيجابية تشكل مقدمة باتجاه التوصل إلى حل سياسي سلمي وتوافقي يجنب سوريا وطناً وشعباً احتمالات ومخاطر التدخل الخارجي والانزلاق إلى دوامة الفوضى والاضطرابات.

وكان "التيار الثالث" الذي أسسه جابر مع بعض الناشطين طالب السلطة وجميع الأطراف المعنية بالالتزام بتنفيذ بنود الاتفاق وترجمتها عملياً على أرض الواقع لتجنيب البلاد مخاطر التدخل الخارجي والانزلاق إلى دوامة الفوضى والاضطرابات.

لكن جابر يؤكد وجود بعض الثغرات في الاتفاق تمنح هامش مناورة للنظام كما في "البند الثالث الذي يتحدث عن إخلاء المدن والأحياء السكنية من جميع المظاهر المسلحة، وهذا البند برأيي يحتمل وجهين، ويعطي النظام هامش مناورة كونه لم ينص صراحة على سحب الجيش والدبابات من المدن كما كانت تشترط المعارضة للذهاب إلى الحوار".

ويؤكد أن الاتفاق لم يحدد من هي الجهة التي ستقوم بإخلاء المدن والأحياء من جميع المظاهر المسلحة في ظل وجود مسلحين في بعض المناطق الساخنة كمدينة حمص على سبيل المثال لا الحصر.

وغداة موافقة دمشق على خطة الجامعة العربية للخروج من الأزمة، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن نحو 20 شخصا قتلوا الخميس في حمص برصاص قوات الأمن، الأمر الذي عزز شكوك المعارضة حول جدية النظام بتنفيذ بنود الاتفاق.

ويقول الصحفي والناشط السوري إياد شربجي "أعتقد أن النظام يراوغ لكسب مزيد من الوقت، لكن لا مفرّ الآن أمامه سوى أن يطبق بنود القرار العربي، فإن فعل فالشارع السوري سيظهر على حقيقته مع خروج الأمن والجيش من الشوارع، وستنقلب موازين القوى بشكل نوعي يصبح في الشارع هو المسيطر".

ويضيف "وإن لم يفعل فهو سيضع نفسه بمأزق أمام الجامعة العربية التي منحته الفرصة الأخيرة لإصلاح الموقف، أو رفع الغطاء عنه وترك الأمر للمجتمع الدولي، إن حصل ذلك فإن موقف روسيا والصين ستأخذان بعين الاعتبار هذا الأمر، ولن تستطيعان الدفاع عن جثة هامدة، وسيصدر قرار دولي يحسم الأمر".

ودعت لجان التنسيق المحلية التي تمثل حركة الاحتجاج السورية ضد النظام السوري في الداخل إلى "التظاهر السلمي" الجمعة، مشيرة إلى أن سقوط المزيد من القتلى "يؤكد نوايا النظام الحقيقية في الاستمرار بمواجهة الحراك الثوري السلمي بالقتل والعنف".

ويرى الإعلامي السوري توفيق الحلاق أن النظام السوري أراد بموافقته في اللحظة الأخيرة على المبادرة "أن يتفادى سقوطا وشيكا وأن يتعرض رموزه وأزلامه إلى المحاسبة الشعبية والدولية بعد أن بدأ يفقد أصدقاءه".

ويضيف "الصينيون أيدوا جهود الجامعة لحل الأزمة السورية, والروس لم يجدون صدى لمناشداتهم النظام بالكف عن العنف والحوار الجاد مع المعارضة، وإيران تخشى من انهيار نظامها من الداخل نتيجة تعاطف المعارضة الشعبية الإيرانية مع الثورة السورية، وحزب الله لن يكون بمقدوره مساندة النظام بمنأى عن إرادة الإيرانيين".

ويعتقد الحلاق أن نظام الأسد سيستمر في صد التظاهرات بعنف شديد مع التضليل الإعلامي قبل وصول المراقبين العرب، لكنه يرى أن الأسد "قد يفاجئ العالم بخطاب يعلن فيه تنحيه حقنا للدماء وتكليف نائبه فاروق الشرع برئاسة البلاد لفترة انتقالية ومن ثم الهروب مع أعوانه إلى خارج البلاد".

ويضيف "المعارضة السورية رغم انقسامها على بعض القضايا فإنها ستبقى ملتزمة بقرار الشارع الثائر وهو المفاوضة فقط على تسليم السلطة بشكل سلمي".

ورغم التشاؤم الذي يبديه البعض تجاه الواقع السوري المعقّد، يرى بعض المراقبين أنه مازال ثمة إمكانية للحل تتمثل بإصلاحات جذرية تبنى على الحوار وتقوم على تفكيك النظام وإعادة بنائه وفق أسس جديدة.

ويقول جابر "أعتقد أن الخيار الأمثل والأسلم لسوريا هو أن يطلق النظام بالاشتراك مع قوى وتيارات سياسية في المعارضة عملية إصلاح وتغيير جذرية شاملة، تؤدي إلى تفكيك بنية هذا النظام تدريجياً وإعادة تشكيلها على أسس جديدة تقوم على التعددية السياسية والحزبية، وتؤمن تمثيل ومشاركة حقيقية لكل شرائح المجتمع السوري في إدارة شؤون الدولة من خلال انتخابات ديمقراطية نزيهة وشفافة على قاعدة التداول السلمي للسلطة".

ويشير إلى أن المعارضة في معظمها تبنت شعارات الشارع بإسقاط النظام "من حيث المبدأ هذا مقبول في العمل السياسي، ولكن ثمة فرقاً كبيراً بين الشعارات والمطالب وبين ما يمكن أن يتحقق منها بمعطيات الواقع السياسي الراهن".

ويضيف "هذا الواقع يضعنا أمام خيارات سياسية محدودة إذا كنا نريد الحفاظ على سوريا وطناً وشعباً ونجنبها مخاطر كبرى تتهددها، من قبيل الفوضى والاضطرابات والحرب أهلية، والتدخل العسكري الخارجي، بما سيؤدي غالباً إلى انهيار كيان الدولة السورية وتفكك نسيجها الاجتماعي".