CNN CNN

لبنان: قتيل وجرحى بتجدد اشتباكات طائفية بطرابلس

الجمعة، 25 أيار/مايو 2012، آخر تحديث 21:00 (GMT+0400)

بيروت، لبنان (CNN) -- تجددت الاشتباكات من جديد بأحياء في مدينة طرابلس اللبنانية، بعد فترة محدودة من الهدوء، وأشارت التقارير الإعلامية الرسمية إلى سقوط قتيل وعدة جرحى الاثنين في المواجهات التي بدأت بعد اعتقال شاب بكمين أمني مثير للجدل، قبل أن يتطور الخلاف إلى مواجهة مسلحة على خلفية مذهبية بين سنّة وعلويين.

ونقلت وكالة الأنباء اللبنانية أن شارع سوريا، الذي يفصل بين منطقتي "جبل محسن" التي تقطنها غالبية علوية، و"باب التبانة" التي تعيش فيها غالبية سنية، شهد عمليات قنص أدت إلى سقوط جريحين.

كما أشارت إلى سقوط جريح ثالث في شارع آخر، إلى جانب قتيل أصيب على شرفة منزله، ما دفع إلى توجيه دعوات عبر مكبرات الصوت في مساجد مناطق "البداوي" و"وادي النحلة" و"المنكوبين" و"جبل البداوي" بضرورة إخلاء الأهالي للطوابق العليا من أبنيتهم، خوفا من إصابتهم بالقذائف التي تتساقط على المنطقة.

وكانت مصادر سياسية وأمنية لبنانية قد أكدت الأحد مقتل ثلاثة آخرين، وسقوط عدد من الجرحى، جراء أعمال عنف واشتباكات مسلحة في مدينة طرابلس، كبرى مدن شمالي لبنان، بعد مواجهات بدأت ليل السبت إثر اعتقال شخص للتحقيق معه بقضايا على صلة بـ"الإرهاب،" أعقبه اعتصام وإغلاق للطرق ومواجهات بين مناطق ذات طابع سني وأخرى تقطنها غالبية علوية.

وبدأت الأحداث مع اعتقال الشاب شادي المولوي على يد عناصر من جهاز الأمن العام، الذي قال في بيان رسمي إنه "بعد متابعة دقيقة قام بها مكتب شؤون المعلومات في المديرية، وبإشراف القضاء المختص، تمت ملاحقة المدعو شادي المولوي وتمكنت من توقيفه أثناء خروجه وعلى مدخل مركز الخدمات الإجتماعية التابع للوزير محمد الصفدي (وزير الاقتصاد) في طرابلس، وقد اقتيد الموقوف إلى التحقيق بتهمة تواصله مع تنظيم إرهابي."

ولكن مكتب الوزير الصفدي أصدر بياناً نفى فيه ما أفاد به الأمن العام، وقال إن مولوي "استدرج" إلى مركز الخدمات الاجتماعية بواسطة اتصال هاتفي به بحجة منحه مساعدة صحية، مضيفاً أنه بعد دقائق من وصوله فوجئ الموظفون بدخول عناصر مسلحة من الأمن العام في طرابلس من دون إذن أو سابق إنذار.

وأضاف البيان أن العناصر الأمنية عمدوا إلى "توقيف المواطن وإخراجه بالقوة إلى جهة مجهولة مما اثار ذهول الموظفين والمواطنين الموجودين في مكتب الخدمات،" مشيراً إلى أن الوزير الصفدي "يربأ بجهاز الأمن العام استخدام مثل هذه الأساليب المستهجنة، ويعتبر أن هذه التصرفات مرفوضة رفضاً تاماً وهي تشكل خرقاً للقوانين."

وأعقب ذلك خروج مظاهرات في عدة مناطق في طرابلس، وقالت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية إن معظم طرق طرابلس قطعت بالإطارات المشتعلة والسيارات، حيث نزل شبان المدينة الى الشوارع في مناطق، محتجين على توقيف المولوي، وطالبوا بالإفراج عنه فورا، مهددين بخطوات تصعيدية.

واعتصم عدد من شبان طرابلس في ساحة عبد الحميد كرامي بجانب السرايا وقاموا بقطع الطريق الدولية في الاتجاهين.

وبعد ذلك، صدرت بيانات تنديد من عدة جهات، بينها "اللقاء الإسلامي الوطني" الذي انتقد طريقة اعتقال المولوي وطالب المعتصمين بالتروي والعمل سريعا على فتح كل طرقات المدينة، وأصدروا بياناً قالوا فيه: "إذا كان الأمن العام يتابع الإرهاب فإننا نعلم أن هناك مطلوبين في جريمة العصر التي استهدفت الشهيد رفيق الحريري، ومعلوم لدى الجميع مكان وجود المطلوبين ومعروف من يحميهم،" بإشارة إلى المطلوبين الأربعة الذين يعتقد أنهم من عناصر حزب الله.

كما ندد البيان بما قال غنه "ظلم لاحق بالإسلاميين في السجون اللبنانية،" داعين إلى " ضرورة وقف الممارسات الأمنية غير المسؤولة والتوقف عن استهداف طرابلس والساحة السنية بشكل عام."

كما أصدر رئيس الوزراء، نجيب ميقاتي، بياناً قال فيه إنه "لا يجوز تصوير مدينة طرابلس وكأنها خارجة على الشرعية والدولة،" محذرا من "الانجرار إلى منطق الشارع الذي لا يتلاءم مع قيم طرابلس ومبادئها." بينما طالب  مؤسس التيار السلفي في لبنان، الشيخ داعي الاسلام الشهال، بـ"الإفراج الفوري" عن مولوي.

وسرعان ما توتر الوضع الأمني بعد اندلاع اشتباكات بين منطقتي التبانة وجبل محسن عند الثانية من بعد منتصف الليل بسبب سقوط قذيفة في محلة "البقار" وأعقب ذلك إطلاق الرصاص بين المنطقتين طوال ساعات الليل وحتى صباح الأحد.
 
وبحسب الوكالة، فقد قتل أحد العسكريين بعملية قنص في أثناء وجدوه داخل سيارة بطرابلس، كما قتل شاب يدعى محمود الدهيبي، وآخر جرى التعريف عنه باسم عيسى علي، بينما نقلت سيارات الإسعاف عددا من الجرحى إلى المستشفيات.
 
وقال النائب السابق عن طرابلس، مصطفى علوش، والقيادي في تيار المستقبل صاحب النفوذ الكبير في المدينة، إن إطلاق النار توقف مع تراجع حدة الاشتباكات الكبيرة بين الأطراف الموجودة، ولكنه لم يستبعد استمرار حصول بعض الرشقات النارية وأعمال القنص "فالوضع متوتر وليس هناك من تهدئة كاملة بعد."

ونفى علوش وجود أي علاقة لتيار المستقبل بما جرى على الأرض، وحذر من صعوبة التوصل إلى حلول في القضايا العالقة.

وقال علوش، في اتصال مع CNN بالعربية: "ليس هناك من حل في الأفق بالنسبة لقضية الشاب مولوي، الذي تعرض للاختطاف من قبل الأمن العام، إذ يجب الإفراج عنه وحصول الإجراءات بشكل صحيح، وهذا الأمر سيخفف من التوتر، أما بالنسبة للاشتباكات بين جبل محسن وباب التبانة فالوضع في تلك المنطقة مرتبط بالأزمة في سوريا والوضع فيها، ما يجعل الحل فيه مرتبطاً بالتطورات الإقليمية."

وأضاف علوش: "الوضع ككل مرتبط بما يجري في سوريا على صعيد التوتر الدائم الحاصل، ولكن ليس لدينا تأكيد على أن ما جرى كان محالة لتفجير الوضع بشكل كامل أم أنه مجرد حادث، ولكن الطريقة التي جرى من خلالها توقيف مولوي تثير الكثير من علامات الاستفهام وتطرح إمكانية وجود إرادة لتخريب الوضع الأمني، أما بالنسبة للوضع في جبل محسن فهو مفتوح أمام كل من يريد التفجير وإحداث الأزمات."

ولفت علوش إلى أن الاعتصام في المدينة مستمر، ولكن بشكل رمزي، مضيفاً أن الطرقات باتت مفتوحة بعد أن جرى إغلاقها بشكل متزامن من قبل مجموعات من الشبان التي كانت تتواصل مع بعضها.

أما النائب خالد الضاهر، عضو كتلة تيار المستقبل والذي يرتبط بصلات مع التيارات الإسلامية في منطقة شمال لبنان فقد قال لـCNN بالعربية إن الأمور متوترة للغاية، متهماً من وصفه بـ"الفريق المسيطر على منطقة جبل محسن" بممارسة القنص على المناطق المجاورة، في إشارة إلى التيارات السياسية التي تمسك بالوضع في تلك المنطقة ذات الغالبية العلوية.

وأضاف الضاهر: "لدينا الآن ثلاثة قتلى وأكثر من أربعة جرحى بسبب القنص على التبانة والبقاء، ونطلب من الجيش التدخل ووقف المتسببين الذين يقومون بتنفيذ أجندات النظام السوري."

وعن هوية الجهات التي نفذت الاعتصام في طرابلس قال الضاهر: "هناك رجال دين وأئمة مساجد لهم دورهم في المدينة اعترضوا على أسلوب اعتقال الناس وممارسة التشبيح والتوقيفات العشوائية في طرابلس، وهم من تعرض للاعتداء من خلل إطلاق النار عليهم ليلاً، ويجب أن نعرف من يريد خطف المدينة إلى هذه الأجواء لأنه للأسف النظام السوري الذي يقوم بتفجير الأوضاع من خلال مليشيات جبل محسن."

ولم يعترض الضاهر على إحالة مولوي إلى القضاء بشكل طبيعي إذا كان هناك ارتباكات قد أقدم عليها، مضيفاً: "يجب أن يتم ذلك من خلال القضاء، أما أسلوب العصابات بخطفه وإهانة نائب المدينة ووزير الاقتصاد، محمد الصفدي، باستدراجه إلى مكتبه من أجل تقديم مساعدات لابنته الحديثة الولادة واعتقاله داخل المكتب بعد ضرب الموظفين فيه فهذا يدل على أن بعض الأجهزة الأمنية تنفذ أجندة النظام السوري."

واعتبر الضاهر أن "الساحة السنية ليست ساحة مفتوحة لمن يريد استهدافها والإساءة إليها، ويجب على الجميع أن يعرف ذلك،" مشيراً إلى أن الدولة اللبنانية تعجز عن دخول مناطق محسوبة على فئات أخرى،  فالدولة ممنوعة من دخول مربعات أمنية لبعض القوى السياسية التي تتحدث اليوم باسم لبنان، فهل إهانة الدولة والجيش من قبل الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، وحصول عمليات خطف وتنفيذ مهام استخباراتية وسرقة سيارات أمر مباح؟"