CNN CNN

النص الكامل لمقابلة السفير المنشق نواف الشيخ فارس مع CNN

الأربعاء، 15 آب/اغسطس 2012، آخر تحديث 00:00 (GMT+0400)

الدوحة، قطر (CNN)-- أكد السفير السوري المنشق نواف الشيخ فارس أن الرئيس السوري بشار الأسد هو الشخص الوحيد الذي يقوم باتخاذ القرارات في دمشق، وأن من حوله ينفذون أوامره فقط، وأضاف أن النظام السوري والقاعدة مرتبطان ارتباطا وثيقا، وأن يد الأسد ملوثة بدماء السوريين والعراقيين، الذين قتلوا في العراق على يد القاعدة، وأعلن تأييده لتدخل عسكري يطيح بالنظام الحالي.

وفيما يلي النص الكامل للقاء:

- بعدما إعلانك الانشقاق، قال الإعلام السوري الرسمي إنه تم فصلك من منصبك لأنك تركت السفارة في بغداد دون إذن. فما تعليقك على ذلك؟

هذا كلام فارغ. إذا قررت اتخاذ موقف ضد النظام فكيف أقوم بإعلامهم؟ لقد خرجت بطريقة معقدة جداً، ولو علم النظام بما أنوي فعله لما كنت قد تمكنت من الخروج، ولما بقيت في مركزي، ولما بقيت خارج السجن.

- أنت كنت عضوا بارزا في الحكومة السورية، فقد شغلت منصب المحافظ، وكنت أول سفير لسوريا في العراق منذ أكثر من عشرين عاما. فما الذي دفعك لاتخاذ قرار الانشقاق؟

لقد خدمت النظام السوري لأكثر من 34 سنة، شغلت خلالها مناصب عدة في النظام، وكنت من الصف الأول. ولكن ما حدث العام الماضي أثناء الثورة المباركة من قتل، ومذابح، وتشرد، وإعلان بشار الأسد الحرب ضد الشعب السوري، أوقف أي نوع من الأمل في الإصلاح أو التغيير الحقيقي الذي وعد به بشار الأسد سابقاً. أمام هذه المأساة، لا يمكن لأحد البقاء صامتاً، ولهذا قررت أن أنهي علاقتي مع هذا النظام.

وقد حاولت خلال الستة عشر شهرا الماضية إقناع النظام بتغيير معاملته للشعب، وأن هذا الأسلوب لن ينجح مع الناس، ولكنني فشلت، ولهذا قررت الانضمام للشعب.

- في آخر لقاء لك مع أعضاء النظام السوري، كيف تصف طريقتهم في التفكير وتعاملهم مه الأزمة التي تعد أكبر تحد يواجههم منذ عقود؟

كان لدي إصرار على رأيي، ولكن كان لديهم رأي آخر، وهو أن الثورة مؤامرة أجنبية تقودها الولايات المتحدة الأمريكية لإسقاط نظام المقاومة ورمز للصراع ضد أعداء الأمة، وإضعاف سوريا. وهذه أعذار ضعيفة تعودنا سماعها منذ عقود.

- من يتخذ القرارات في دمشق الآن؟ ومن يقود سياسة الحكومة السورية في مواجهة هذه الثورة؟

النظام في سوريا نظام استبدادي وديكتاتوري. هناك شخص واحد يعطي الأوامر، وهو الرئيس. أما باقي أفراد النظام فهم يطيعون فقط. لا أحد يجرؤ على اتخاذ قرار اليوم، خصوصاً في الأمور الحساسة مثل ما يحدث في سوريا الآن.
  - متى كانت آخر مرة قابلت فيها بشار الأسد؟

منذ ثلاثة أو أربعة أشهر، لا أتذكر بالتحديد.

- هل تحدثت معه شخصياً؟ هل أعطاك أي تعليمات؟ كيف تصف هذا اللقاء؟

في بداية الثورة السورية، استدعاني الرئيس إلى دمشق من بغداد، وطلب مني محاولة تهدئة الأمور، خصوصاً في المنطقة الشرقية التي أنحدر منها. كان هناك حوار طويل في هذا الموضوع، وتحدثت معه بكل صراحة، وقلت له إن العالم تغيّر، والشعب السوري جزء من هذا العالم، ولا يمكن أن يقاد بنفس الطريقة. وقلت له إنه من المهم أن  تكون هناك ديمقراطية وإصلاح سياسي، ويجب أن تكون هناك انتخابات. وقلت له إذا أراد أن ينجح، فيجب أن يكون هناك إصلاحات في عدة مجالات في مؤسسات الدولة، ويجب أن يقف ضد جميع أشكال الفساد. كنت شجاعاً جداً في التعبير عن رأيي. وللتذكير فقط، كان الأسد شبه إيجابي إزاء الحوار، ولم يكن ضد الديمقراطية والإصلاحات، وأمرني بالذهاب إلى المنطقة الشرقية ومحاولة تهدئة الناس، وتقديم وعد لهم بالإصلاحات التي تعهد بها الرئيس. ولكن الأيام اللاحقة أثبتت العكس، فهو يتحدث عن الإصلاحات ولكنه يتخذ طريقا آخر تماماً، وهو القتل والدمار والمذابح وإجبار الناس على الهرب.     

- لقد وعدك أنه سيطبق الإصلاحات، ولكنك تقول إن هذا لم يحدث. هل كان الرئيس يكذب أم أن أحدا أقنعه بعدم فعل ذلك؟

الرئيس معروف دولياً ووسط الشعب السوري، وخصوصاً المقربين إليه، بأنه كاذب، وهو يجيد ذلك. كان يكذب بالتأكيد. يمكن أن يكون هناك أشخاص مقربون إليه ليست لديهم مصلحة في الإصلاحات، وخصوصاً الفاسدون منهم الذين ينتفعون من الوضع الحالي.

- هل كانت هناك لحظة سابقة قررت فيها ترك النظام؟

بعد الأشهر الثلاثة الأولى، كنت واثقاً أن النظام يتبع طريقا لا رجعة فيه، وبدأت الأمور تأخذ مجرى مختلفا في سوريا، وفكرة الإصلاحات أصبحت مستحيلة. لذا بدأت أفكر حينها. كانت الأوضاع صعبة آنذاك، وطبعاً في الخمسة أو ستة أشهر الماضية كنت على اتصال بالثوار داخل سوريا. وكنت انصحهم وأساعدهم سراً في أشياء مختلفة. وفي الأشهر الخمسة الماضية قررت أخيراً الابتعاد عن النظام السياسي والانضمام للثورة.

- لا بد أن الحكومة القطرية قدمت لك المساعدة؟

لقد تحركت مستخدماً طرقي الخاصة، ولا أريد التحدث عنها. كان لدي بعض الأصدقاء والمعارف في المعارضة الذين ساعدوني في الوصول إلى قطر.

- ترك هذه الحكومة ليس فقط قرارا صعبا بعد أكثر من 30 سنة من خدمة النظام، ولكنه أيضاً قرار خطير، خاصة على عائلتك، فما تعليقك على ذلك؟

وضع الشعب السوري أكثر خطورة، لذا فهناك حاجة للتضحية وخوض مغامرة لمساعدة الشعب السوري، مهما كان حجم هذه المساعدة. نحن نتابع ما يحدث في سوريا من مجازر وقتل، ولا يمكن لأحد أن يبقى صامتاً. أنا لست أفضل من السوريين في الداخل، فالجميع يعانون والجميع يُذبحون.

- لقد عملت في مناصب بارزة في هذه الحكومة لـأكثر من 30 سنة. هل كانت هناك لحظة في الـ16 شهرا الماضية فاجأتك، ولم تكن تعتقد أن الحكومة قادرة عليها؟

كلنا يعلم أن هذا النظام وحشي، ولكن كل هذه الوحشية، لم يكن أحد يتوقع ذلك إطلاقاً. الطريقة التي تعامل بها النظام مع الشعب مؤخراً لم نشهده من قبل، لا في البوسنة ولا في رواندا. ما يشهده الشعب السوري لم يشهده بلد آخر.

- في 1982 قام نظام الأسد الأببتدمير حماة وكنت تعمل مع الحكومة وقتها على الأرجح. فما هو الفرق بين ما يحدث الآن وما حدث حينها؟

طبعاً ما حدث في 1982 غير مقبول ويعتبر مذبحة ضد أهل حماة. ولكن ما يحدث الآن لا يمكن وصفه وما حدث في حماة يعتبر قطرة في بحر ما يحدث اليوم. ففي حماة، اقتصر الأمر على بضعة أيام في مدينة واحدة، ولم تكن هناك حركة عامة أو ثورة. ولكن اليوم الثورة تعم جميع أنحاء سوريا، لذا الوضع مختلف. اليوم، النظام يستخدم أساليب حديثة وأسلحة متطورة، ويستعمل الطائرات لمهاجمة الناس.

- هل برأيك يعتقد الرئيس السوري ومؤيدوه أنهم سينتصرون في النهاية؟

لقد حوصروا، وارتكبوا الجرائم ودخلوا نفقا من الدماء. ويدركون أنهم سيدفعون الثمن. إنهم يلعبون بالوقت فقط، وربما تتسنى لهم فرصة للهرب.

- غالباً ما تتهم الحكومة السورية المعارضة بأنهم من القاعدة. ومع ذلك، كانت سوريا تُتهم بأنها تسمح للجهاديين والقاعدة بعبور سوريا إلى العراق لتنفيذ تفجيرات انتحارية. يقول البعض إنها مفارقة غريبة، فما رأيك في ذلك؟

هذا كذب. بعد الغزو الأمريكي للعراق في 2003 وسقوط النظام العراقي الذي كان حليف النظام السوري، شعر النظام السوري بأنه مهدد ومعرض للسقوط وأن عليه إرباك الأمريكيين وقوات التحالف. لذا نسق النظام السوري مع القاعدة، واتفقوا معهم على فتح الطريق إلى العراق. لذا بدأ المقاتلون يأتون من جميع أنحاء العالم عبر سوريا، تحت عيون المخابرات السورية الذي كان مسؤولا مسؤولية مباشرة عن قتل آلاف العراقيين والأمريكيين وقوات التحالف التحالف. 

وكانت أجهزة المخابرات تقنع الشباب المتحمس في سوريا بالذهاب للجهاد في العراق والانضمام للقاعدة. وقد ذهب العديد من الشباب هناك، وكل شيء موثّق. لذا كانت القاعدة حليفة لبشار الأسد  منذ 2003 ، وهي موجودة الآن في سوريا وكانت دائماً هناك، ولكن تحت سيطرته.  

كل التفجيرات التي اتهمت فيها القاعدة في سوريا، كان الرئيس بشار الأسد كان على علم بهم ونُفذت من قبل المخابرات. إذا نظرت للمناطق المستهدفة في سوريا، كانت معظمها منشآت أمنية، ولم يقتل أحد منهم؟ فقط المارون؟ والذين استهدفوا لم يصابوا بجراح، ودائماً يُخلى المكان قبل التفجيرات. لذا فهم يعرفون أن شيئا مثل هذا سيحدث، وهذا دليل على أن هناك تنسيقا بين القاعدة والمخابرات. أعتقد أن العراقيين على علم بهذا. وتم القبض على الكثير من السوريين في العراق واعترفوا بمثل هذا التنسيق، لذا فالأمور واضحة.

أتذكر أحد تلك الأوكار، الذي كان في السكرية في منطقة البوكمال، حيث أغارت القوات الأمريكية وتم القبض على مسلحين. كانت المنطقة مخبأ للقاعدةعلى الحدود مع العراق، وكانت تحت رعاية آصف شوكت، صهر الرئيس.

القاعدة في سوريا، والتي كانت تعمل في العراق، لديها علاقة قوية مع بشار الأسد. فهو يستخدمها لتخويف الغرب والشعب السوري. يخيف الغرب بالقول إما نظامه أو القاعدة، ويخوف الشعب السوري بأنه إذا ذهب، ستأتي القاعدة. بشار الأسد خلق القاعدة وهو حليف مهم لها، وقد ارتكب العديد من المذابح في العراق وفي سوريا. لقد تدرب في العراق على قتل وذبح العراقيين والآن يفعل نقس الشيء ضد شعبه. 

- وهل رأيت بعينيك آصف شوكت في المنطقة؟

العراقيون يعلمون وكلنا نعلم علاقة آصف شوكت بالموقع في السكرية. فبعد الغزو بساعة، كان آصف شوكت في الموقع. ودار حوار بيني وبينه حاول فيه توضيح بعض النقاط المهمة. وكان غاضبا من الهجمة ضد السكرية، كما كان مرتبكا بعض الشيء.

- لماذا باعتقادك لم ينشق حتى الآن سوى عدد قليل من كبار المسؤولين السوريين؟

المقربون منه فاسدون مثله. ولكن الجيش يشهد الكثير من الانشقاقات يوميا. لم يعد هناك سفراء، فمعظم الدول العربية سحبت سفرائها من سوريا وقامت بطرد السفراء السوريون. لم يعد هناك سفراء إلا نوع خاص منهم، وهو النوع الذي لن ينشق أبداً. ولكن قد يعلنون انشقاقهم غدا أو بعد غد.

- هل تعلم إذا كانت سوريا تحصل على مساعدات من حلفاء مثل روسيا أو إيران؟

لا أعلم بالنسبة للصين، ولكنها تحصل على مساعدات مالية وأسلحة من إيران، والإيرانيون لا يخفون ذلك.

- ما هي الرسالة التي ترغب في توجيهها لبشار الأسد وزملائك السابقين في النظام السوري؟

أطلب من زملائي السابقين الانضمام إلى الشعب وترك النظام الفاسد. لا يزال هناك وقت لذلك. وأقول لبشار الأسد إنه لا يعرف التاريخ. هناك إرادتان لا يمكن هزيمتهما، إرادة الله وإرادة الشعب. لذا عليه أن يتعلم من التاريخ.

- هل تؤيد تدخل عسكري أجنبي في سوريا؟

النظام لن يرحل إلى بالقوة. لذا أنا مع التدخل العسكري لأني أعلم طبيعة هذا النظام.