CNN CNN

الزميلة نعمة الباقر: السودان بين أفراح الاستقلال والقضايا العالقة

بقلم: نعمة الباقر
الأربعاء، 29 شباط/فبراير 2012، آخر تحديث 14:00 (GMT+0400)

عبرت الزميلة الصحفية نعمة الباقر، في شبكة  CNN، السودانية الجنسية، عن مشاعرها على خلفية استقلال السودان، وكيف كان عليها ان تلغي بعض من معالم بلدها بعد فصل الجنوب، واختلاط مشاعر السودانيين بين الفرح والاحتفال بالاستقلال، والقلق وعدم اليقين لما ستؤول إليه الأمور في المستقبل، وتأثير عدد من القضايا العالقة بين الشمال والجنوب على الحياة اليومية للمواطنين.

فكتبت عن هذه اللحظات لموقع CNN بالعربية:

إن أفضل قصة على مدى العقد الماضي بالنسبة لي، هي قصة استقلال جنوب السودان، ليس بسبب مرور ثلاثة عقود من الحروب الأهلية لتحقيق الاستقلال، وبالطبع ليس لأنني من السودان، بل لأنها تجسد لي الكثير من الأحداث الحاصلة في القارة الإفريقية، وكيف أن العديد من الرؤساء يدلوا بتصريحات تحتل العناوين الرئيسية في الإعلام، وفي الغالب ينسحبون قبل تحقيق أقوالهم.

ومع تحول الربيع العربي إلى صيف، والاحتفالات التي عمت جنوب السودان، انتشرت المخاوف من أن يحصل شيء ما يعكر صفو الفرحة بيوم الاستقلال في الجنوب.

في ذلك اليوم بالذات، وبين الاحتفالات الراقصة وغناء الجمهور، نرى من بعيد، وتحديدا على المنصة النصف مكتملة، وقد تجمع عدد من كبار الشخصيات التي قدمت للتهنئة، ولمنها حرصت بنفس الوقت أن لا تتعرض لحروق جراء أشعة الشمس. فقد حطت طائرتهم في المطار نصف المكتمل، وسارت بهم السيارات على الطرق نصف المعبدة.

وحقيقة.. شعرت بالذنب أنا ومن قام بتغطية هذا الحدث لذكر هذه التفاصيل في يوم سعيد كهذا.

وعلى مدى ستة أشهر منذ التاسع من شهر يوليو/ تموز، والقضايا العالقة بدأت تتجسد، حيث أن جنوب السودان لا يزال يعاني من تشعبات القضايا الاقتصادية غير المنتهية، ولا يزال البحث في الأمور المرتبطة بعوائد النفط وتبادل الاتهامات لطرفي التمرد في شقي السودان الشمالي والجنوبي.

فعندما احتفل العالم مع السودان الجنوبي، طغت النظرة الرومانسية على المشهد.. إذ أن جنوب السودان يشكوا من الغارات الجوية للشمال، بالإضافة إلى تنازع العائدين من شمال السودان مع سكان الجنوب حول الموارد المتناقصة.

فبالنسبة لي، القادمة مما يسمى الآن بالجمهورية السودانية، لابد أن أزيل بعض من معالم بلدي المعروفة، وتوقعاتي المتفائلة للمستقبل، التي لا يمكنني التعبير عنها سواء أمام الكاميرا أو خلفها.

يتدافع الناس لإبلاغنا عن الدور الذي سيلعبونه في تحسين دولتهم، وكيف سيتم تخليد ذكرى المفقودين على طريق جعل مثل هذا اليوم حقيقة ملموسة.

كان شيئا جميلا جداً...

أما بالنسبة لي كسودانية من الشمال، الأصدقاء الذين ترعرعت معهم، وزملائي على مقاعد الدراسة، كل هؤلاء الذين تشاركنا الأفراح والأتراح مع بعضنا البعض، لم يعودوا إخوتي.

ولكن من اجل كل تلك التضحيات المقدمة والدماء المهدورة، أتمنى أن يلتفت العالم إلى ما يحدث في جنوب السودان، قبل فوات الأوان، وقبل تلاشي كل تلك الأحلام التي قيلت لنا في التاسع من يوليو/ تموز.