CNN CNN

المرزوقي: السلفيون أقلية وسنواجههم ولا ذكر للشريعة بالدستور

الأحد، 28 تشرين الأول/أكتوبر 2012، آخر تحديث 22:00 (GMT+0400)

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- وصف الرئيس التونسي، المنصف المرزوقي، القوى السلفية في بلاده بأنها "أقلية الأقلية" وأنها لا تضم أكثر من ثلاثة آلاف شخص، واعداً بالتصدي لها أمنياً ومعالجة جذور المشكلة اجتماعيا، كما تعهد بوضع دستور "تقدمي" يحمي حقوق المرأة ولا ينص على الشريعة، واصفاً تونس بأنها "مختبر" الربيع العربي الذي سيحدد نجاح الديمقراطية فيه فرص نجاحها بالمنطقة.

وقال المرزوقي، خلال مقابلة مع CNN أجرتها الإعلامية كريستيان أمانبور، رداً على سؤال حول القوى الإسلامية المتشددة في تونس، إن المظاهرة العنيفة الطابع، والتي خرجت باتجاه السفارة الأمريكية احتجاجاً على الفيلم المسيء للنبي محمد لم تضم أكثر من 300 شخص.

وأضاف المرزوقي: "الحركة الإسلامية تضم أطيافاً متعددة من القوى، وفي أقصى يمين هذا الطيف الواسع تتواجد القوى السلفية التي هي بدورها عبارة عن مظلة واسعة من الحركات لا يهتم بعضها بأكثر من الأمور الدينية والدعوية ولكن هناك مجموعات صغيرة تعتنق الفكر السلفي الجهادي وهي بالتالي مجرد أقلية داخل أقلية."

واعتبر المرزوقي أن تلك الأقلية المتشددة "ضد الديمقراطية وتناهض حقوق الإنسان والمرأة وفي موقع المعاداة للغرب وعدد هؤلاء بحسب دوائر الشرطة في تونس كلها لا يزيد عن ثلاثة آلاف شخص."

وحول الانتماء السياسي لأفراد تلك الجماعات السلفية وما إذا كانوا على صلة بتنظيم القاعدة قال المزوقي: "لا يمكن القول أنهم من القاعدة، ربما يرتبط بعضهم بشكل أو بآخر مع هذا التنظيم ولكنني أظن أنهم نتاج المجتمع التونسي نفسه، نتاج حالات الفقر والأمية وما شابه."

وتابع الرئيس التونسي بالقول: "هم جزء من مجتمعنا، ولكنهم الجانب المظلم منه، لذلك فالتعامل مع هذه المشكلة هو أمر صعب لأن أولئك الأشخاص هم من التونسيين ولكنهم في الوقت نفسه يشكلون الخطر الأكبر على تونس، ولا أقصد بذلك أنهم يهددون الاستقرار لأن بلدنا مستقر بالفعل، ولكنهم يهددون صورة تونس فبلدنا يجذب سنوياً خمسة ملايين سائح فتصوروا عناوين الصحف العالمية لو أن أحد السياح جُرح جراء تصرفات أفراد تلك المجموعات! هذا سيتسبب بأزمة اقتصادية في البلاد بسبب ما تفعله هذه الأقلية."

وحول تأجيل زيارة المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، إلى تونس لأسباب أمنية قال المزروقي: "زيارة ميركل لم تتأجل لأسباب أمنية فحسب، بل أظن أن للأمر علاقة بجدول أعمالها، وأنا على ثقة بأن ميركل تدعم العملية الديمقراطية في تونس وقد بعثت إلينا بالكثير من الرسائل التي تؤكد فيها عزمها زيارة تونس في وقت لاحق."

وأعرب الرئيس التونسي عن ثقته بأن ألمانيا وأوروبا والولايات المتحدة "تدعم العملية الديمقراطية في تونس لأن الجميع يدرك بأن تونس هي المختبر وإذا فشل التحول الديمقراطي فيها فإنه لن ينجح في أي دولة عربية أخرى."

وحول ما تردد عن طلب أمريكا من تونس التعويض عن الأضرار التي لحقت بسفارتها ومدارسها خلال الاحتجاجات الأخيرة قال المرزوقي: "كان لدي اجتماع جيد للغاية مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، وأكدت لي أنها صديقة لتونس وأن الحكومة الأمريكية تشاطرها هذا الشعور وأنها ستساعدنا على تدريب قواتنا الأمنية وتزويدها بالمزيد من المعدات، ولم تثر معنا قضية التعويضات مطلقاً، بل ناقشنا دعم الحكومة التونسية لأن الولايات المتحدة تعرف بأن الشعب التونسي والحكومة كذلك شعرا بالصدمة الشديدة جراء ما حصل في السفارة."

وحول الخطط التي تعتزم السلطات التونسية من خلالها مواجهة الحركات السلفية والقلق الذي تحدثه تلك الأخيرة في الولايات المتحدة رد المرزوقي بالقول: "نحن في تونس والعالم العربي نميّز بوضوح بين القوى اليمينية أو العنصرية في أوروبا والولايات المتحدة وبين شعوب تلك الدول ولا نخلط بينهما، فلماذا يصار إلى الخلط بيننا وبين هذه الأقلية الضئيلة العدد؟"

وأضاف: " سنتعامل مع هذه القضية بجدية بالغة وأقول بصراحة إن قضية ممارسة القمع ضدهم ليست بالخيار السهل لأننا ممن تعرض في السابق للسجن والتعذيب ونعرف تأثير ذلك على العائلات والمجتمع، ولكننا سنتعامل مع القضية على مستوى الدولة ونتحمل مسؤولياتنا تجاهها."

وأقر المرزوقي بأن أحداث السفارة الأمريكية وضعت تونس أمام منعطف جديد، قائلاً إن الحكومة باتت تدرك بأن المجموعات المتشددة "لا تضر بصورة تونس فحسب، بل باتت تؤثر على علاقاتها مع العالم، وبالتالي فإن القضية باتت قضية أمن قومي."

كما لفت المرزوقي إلى أن ما يزيد من قلق بلاده هو متابعتها لما يحصل من تمدد لمجموعات متشددة في شمال مالي وإمكانية أن ترتبط هذه المجموعات المحدودة العدد الموجودة في تونس مع مجموعات أخرى في المنطقة، ما يزيد من خطرها، مؤكداً عزم بلاده على التعامل مع هذه المشكلة بالتعاون مع أصدقائها في الجزائر وليبيا.

وانتقد المرزوقي المبالغة في تصوير بعض الأحداث في تونس، وبينها مهاجمة أماكن عامة أو نشاطات سياحية قائلاً: "لقد شهدت تونس خلال العام المنصرم 280 معرضا فنياً متنوعاً، واقتصرت أعمال التخريب على ستة منها فقط، ولكن الإعلام ركز على ما حصل في تلك الحوادث وتجاهل سائر المعارض الناجحة."

وأضاف: "أقول من جديد إنه يجب النظر إلى حجم المشكلة كما هو على أرض الواقع فهذه المجموعات صغيرة العدد وهي أقلية محدودة، ومعالجتنا للمشكلة لن تقتصر على الجانب الأمني بل ستشمل الجوانب الاجتماعية، لأن أفراد تلك المجموعات يعانون الفقر والبطالة والأمية فالحل الأمني أمر سهل ولكن الأهم هو معالجة جذور المشكلة."

وحول تعهداته بالاستقالة إن لم ينجح في تحقيق تقدم خلال الأشهر الستة الأولى من ولايته وإمكانية حصول ذلك اليوم بعد ارتفاع البطالة إلى 18.3 في المائة بعد أن كانت عند مستوى 13 في المائة بيناير/كانون الثاني 2011، رد المرزوقي بالقول: "كلا.. لن أستقيل.. لأننا نقترب من رؤية نهاية هذا الكابوس."

وشرح وجهة نظره بالقول: "نحن في مرحلة انتقالية وعلينا معالجة الكثير من القضايا بشكل متزامن ووضع قوانين جديد ودستور جديد معالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، وهذا أمر لا يمكن لأحد أن ينجزه في سنة واحدة، فنحن لسنا آلهة بل مجرد بشر، ولا ضرورة للاستقالة الآن لأننا قد نجري انتخابات ونحتكم إلى الناخبين خلال أشهر، وقد يحصل ذلك في أبريل/نيسان المقبل، وعندها سأقول بفخر أننا تمكنا خلال عام أو عام ونصف من تحقيق إنجازات بينها وضع دستور وتأسيس دولة ديمقراطية ومعالجة مشكلة القوى السلفية، فليس هناك استثمارات في تونس إن لم يكن هناك حكومة مستقرة."

وحول الدستور المرتقب قال المرزوقي: "نحن على ثقة بأنه سيكون لدينا أحد أفضل الدساتير في العالم وسيحمي حقوق الإنسان والنساء، فيمكن بالتالي نسيان الفقرة (التي جرى النقاش حولها) والتي تنص على أن المرأة تكمّل الرجل (عوض القول بأنها متساوية معه) فهي لن تمر على الإطلاق، وكذلك قضية الشريعة الإسلامية، إذ أن الدستور الجديد سيخلو من أي ذكر لهذه الكلمة."

وأضاف: "سيكون لدينا دستور تقدمي حقيقي يضمن حماية كل الحقوق، طبعاً المشكلة ستكون في التطبيق، ولكن هذه مسألة أخرى، كما سيكون لدينا انتخابات نزيهة ودولة ديمقراطية مستقرة وعندها نأمل بأن الاقتصاد سيتحسن."