CNN CNN

درعا بعد عام.. تفاؤل بالنصر رغم مقتل مدير مدرسة الثورة

السبت، 14 نيسان/ابريل 2012، آخر تحديث 00:00 (GMT+0400)

دمشق، سوريا (CNN) -- بعد عام على إشعالها شرارة الثورة السورية، تعتبر مدينة درعا أن تحركها المناهض لحكم الرئيس بشار الأسد مازال بأوج قوته، ويرى الناشطون فيها أن هدفها بإسقاط النظام بات قريب المنال رغم ضريبة الدم الباهظة، والتي لم يكن آخرها الأربعاء، اكتشاف مقتل مدير مدرسة "الأربعين" التي كتب أطفالها على الجدران أول شعارات "إسقاط النظام،" لتشتعل سوريا كلها.

وكما سارت المدينة بعكس التيار في مارس/ آذار 2011 بخروجها عن القبضة الأمنية القاسية للنظام، قررت في الذكرى الأولى لانطلاق الثورة إحياء المناسبة الأحد في 18 مارس/ آذار، وفقاً لما أكده محمد أبوزيد الناطق الرسمي باسم "اتحاد تنسيقيات حوران" الذي اعتبر، أن تاريخ 15 مارس/ آذار حدده الإعلام وهو غير دقيق.

واعتبر أبوزيد في حديث لـCNN بالعربية، أن المظاهرات التي أطلقت شرارة الثورة في سوريا فعلياً انطلقت من درعا في 18 مارس/ آذار 2011، بعد مظاهرة صغيرة جرت بدمشق قبل ذلك بثلاثة أيام، وقد ظلت مدينة درعا تتصدر المشهد لأسابيع بمفردها تقريباً، قبل أن تنضم إليها مناطق أخرى.

ولدى سؤاله عن الطريقة التي تعتزم من خلالها المدينة والمحافظة التي تقع فيها، إحياء الذكرى، قال أبوزيد: "نحن مصممون على أن نخرج في ذلك اليوم كما نفعل في كل يوم منذ سنة، ولكن بطريقة جديدة، إذ سيكون الخروج بصورة متزامنة في كل مدن المحافظة وسيكون هناك بث مباشر للفضائيات."

وأكد أبوزيد أن الذكرى تحل في ظل عمليات عسكرية مكثفة بالمنطقة، إذ تعرضت مدينة درعا لهجوم قوي الأربعاء راح ضحيته قرابة 20 قتيلاً، بينهم 12 مدنياً وثمانية من الجنود المنشقين.

كما سقط الخميس خمسة قتلى من الجنود الذين انشقوا عن الجيش في درعا البلد احتجاجاً على عمليات القصف التي أحدثت دماراً واسعاً، وقاموا باللجوء لأحد البيوت، وقد تعرف الجيش على المنزل بعدما عذبوا صاحبه وكسروا يده، وقام الضابط المسؤول بإلقاء قنبلة يدوية داخل الغرف التي لجأ إليها الجنود، فقتلهم على الفور، وفقاً لأبو زيد.

وأضاف الناشط السوري أن المدينة شهدت الأربعاء حدثاً أعاد إلى الأذهان ذكريات انطلاقة الثورة، فالرواية التي باتت معروفة حول بداية المظاهرات تقول إنها خرجت اعتراضاً على قيام قوات الأمن باعتقال وتعذيب مجموعة من الأطفال من مدرسة "الأربعين" الابتدائية، بعد كتابتهم لشعارات تطالب بإسقاط النظام، مقلدين بذلك ما شاهدوه عبر الإعلام في دول أخرى.

وتشاء الصدف أنه مع اقتراب ذكرى مرور عام على الثورة، استهدف أحد القناصة في المدينة خلال العملية العسكرية الأربعاء، عليوي غازي قطيفان، مدير مدرسة "الأربعين،" فأرداه قتيلاً، كما قتل أحد الأشخاص الذين حاولوا مساعدته، وقام بجرح امرأة أيضاً.

ولدى سؤاله عن المسجد العمري الذي كان وجهة التجمع الأساسية في الأسابيع الأولى من الحراك بالمدينة، استبعد أبوزيد أن يمتد الحراك المقرر الأحد إليه، قائلاً إن المسجد بات اليوم "ثكنة عسكرية."

وتحدث عن ضخامة الانتشار الأمني قائلاً: "درعا باتت مدينة محتلة بالكامل، وهناك 12 حاجزاً في مدينة الحارة المجاورة، التي تحيط بها أصلاً ثلاث ثكنات، كما تتوزع عدة حواجز في مدينة أنخل، ويحمل عناصرها القذائف الصاروخية المضادة للدروع لإرهاب السكان، أما في مدينة الصنمين، فعمليات المداهمة لا تتوقف، وجرى بالأمس اعتقال قرابة 20 شخصاً، علماً أنها بدورها قاعدة عسكرية بحكم وجود ثلاثة فروع للأمن إلى جانب مقر اللواء التاسع."

وحول الجيش الحر المكون من عناصر منشقة عن النظام، والذي يعتبر بجوهره نقطة تحول في مسار الثورة السورية التي كانت تشدد على رفض حمل السلاح عند انطلاقتها بدرعا، قال أبوزيد: "الجيش الحر لم يعد يتواجد بالمدن بعد ما حصل في بابا عمرو، فقد كان التواجد في ذلك الحي غير مناسب من وجهة نظر عسكرية، والجيش الحر لا يرغب اليوم بتكرار هذا الخطأ."

وأضاف: "نقاط الانتشار الأساسية للجيش الحر موجودة في المناطق الوعرة قرب الحدود مع الأردن، مثل وادي العجمي ووادي الأشعري، وكذلك بمنطقة اللجاة التي تنتشر فيها المغاور، كما أنه يتواجد في المدن لأن هناك حاضنة شعبية له."

وأكد أبوزيد أن وجود الجيش الحر لا يتعارض مع سلمية الثورة، وأوضح قائلاً: "الناس يعتبرون أن الانتصار لن يتم إلا بثنائية المظاهرات السلمية والجيش الحر، لذلك لا تجد من يدعو لوقف المظاهرات والاكتفاء بالقتال، لأن الناس يعون أهمية المزاوجة بين هذين الشكلين من النضال."

وتابع بالقول: "بالنسبة لكتائب الجيش الحر فقد جرى مؤخراً تشكيل مجلس عسكري يقوده مقدم من درعا منشق عن الجيش بهدف توحيد القوى والتنسيق بينها لتفعيل الأداء من جهة وتحضراً لحفظ الأمن بعد مرحلة سقوط النظام."

ونفى أبوزيد وجود أبعاد طائفية في الحراك السوري، رغم مرور عام على الثورة، وقال إن أهل درعا مصرون على الشعار الذي أطلقوه منذ اليوم الأول، وهو "الشعب السوري واحد."

وأضاف أبوزيد: "هناك موظفة علوية تعمل في جهة حكومية بالمدينة وزوجها ضابط بالجيش، ومع ذلك لم يمسهما أحد بسوء، ولا يسمعان ما يؤذيهما في المدينة كلها، لأن هذه هي قيم أهل درعا الحقيقية، وهناك الكثير من المسيحيين في أزرع ومناطق أخرى، والعلاقات معهم جيدة ولم تتأثر، ورغم أن بعضهم لم يشارك في المظاهرات ضد النظام لأسباب قد تكون مقبولة أو غير مقبولة بالنسبة لنا، إلا أن أحداُ لم يضغط عليهم، خاصة وأن بينهم من نعرف أنه معارض للنظام."

وتمنى أبوزيد أن يستمع الدروز في المنطقة إلى نداء زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني، وليد جنبلاط، الذي ينتمي للطائفة نفسها، والذي حضهم على منع أبنائهم من المشاركة في "عمليات التشبيح والقتل وإطلاق النار،" ولكنه قال إن سكان درعا سيمتنعون عن الاعتداء على أحد منهم، مؤكداً وجود محال تجارية في درعا لدروز تعمل بشكل عادي.

وأضاف: "نحن في نهاية المطاف ضد الاقتصاص والثأر الشخصي ونريد قيام دولة مدنية فيها محاكم تحاكم الجميع وتحاسبهم."

ونفى أبوزيد أن تكون المدينة قد شهدت الأحد تحركات موالية للنظام السوري، وقال إن منطقة "درعا البلد" شهدت مظاهرة استمرت لدقائق شارك فيها عدة مئات من عناصر ميليشيات "الشبيحة" الذي يقطنون حالياً في المساكن العسكرية في مناطق طفس والصنمين، بعد أن غادرتها العائلات منذ أشهر.

وأكد الناشط السوري أن أبناء المدينة يشعرون اليوم بالتفاؤل أكثر مما كانوا عليه قبل عام، مضيفاً أن الناس "قد يستغربون هذا الأمر، لكنها الحقيقة وهذا الشعور يعم الجميع،" وأضاف: "ونحن واثقون من النصر لأن عقيدتنا التي تربينا عليها تعلمنا أن الظلم لا يستمر وأن من يساهم بقتل شعب كامل لا بد أن يتوقع نهاية أصبحت قريبة."