CNN CNN

رأي.. شهران منذ إطاحة مرسي والتأزم يتزايد

الأربعاء، 09 تشرين الأول/أكتوبر 2013، آخر تحديث 17:00 (GMT+0400)

بقلم طارق الكحلاوي

(طارق الكحلاوي هو سياسي وأكاديمي تونسي، وعضو المكتب السياسي لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية-شريك الائتلاف الثلاثي الحاكم في تونس، ومدير عام المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية،كما أنه مدرس للتاريخ الإسلامي بجامعة روتغرز في الولايات المتحدة.)


زرت مصر في خضم الأحداث التي انتهت بانقلاب أطاح الرئيس المنتخب محمد مرسي، وذلك بحكم طبيعة وظيفتي، وأملا في فهمها، لا سيما أن تونس ومصر ترافقتا تقريبا أوائل عام 2011، إلى درجة خيّل فيها للبعض أنّ الصورة هي نفسها بجميع تفاصيلها.

والآن وبعد مرور شهرين على الانقلاب في مصر، تأكد من كان يرى تشابها في الأمر من أنه في الحقيقة مختلف. فالوضع في مصر مازال يشهدا تأزما يشمل مختلف الأصعدة، والقوى التي أطاحت مرسي تحاول، بمختلف الوسائل الممكنة، معاقبة معارضي الانقلاب، وبنسق يتزايد يوما إثر يوم. وكملاحظين أجانب لا نرى أفقا للانفراج وذلك اعتمادا على مقاربة تشمل الإجراءات السياسية والأمنية والقانونية.

ومنذ عودتي من القاهرة، وكغيري من المهتمين، بقي الوضع المصري في قلب اهتمامي، فلربما حدث ما لم أتوقعه. لكن مما لا شكّ فيه الآن أن الدولة العميقة عادت بقوة للواجهة من جديد وبشكل مكثف، وليست خطابات وشعارات النظام السابق، والتي عادت بدورها بشكل أكثر ترهيبا عمّا قبل 25 يناير/كانون الثاني 2011، سوى مثال حي تنقله شاشات التلفزيون المحلية على مدار الساعة.

مكافحة الإرهاب ومناشدة السيسي

عندما كنت في القاهرة، وحتى بعد عودتي إلى تونس، تحادثت وجها لوجه أو عبر الهاتف ووسائل الاتصال الحديثة، بفاعلين سياسيين من هذا الجانب وذاك، وكان هناك إجماع على أن الجيش وحكومته تعولان على عامل الزمن.

لكننا اليوم ها أننا نلاحظ أنّ القوى والفئات الشعبية مستمرة في رفضها للانقلاب العسكري، بعد شهرين من حدوثه، في شكل تظاهرات دائمة ومنوعة. ومع تقليل ساعات الحظر، تزايد نسق المظاهرات الشعبية في غالبية المحافظات، اضافة لمظاهر أخرى للتعبير عن رفض الانقلاب، منها السلاسل البشرية.

وقبيل اندلاع ثورة 25 يناير/ كانون الثاني بأيام، تم تفجير كنيسة ليلة رأس السنة، والتي تبيّن لاحقا تورّط جهاز أمن الدولة فيها لتكميم المعارضين باسم مكافحة الإرهاب، ويبدو أنه بعد انقلاب 3 يوليو/تموز، عاد الشعار ليتصدر الخطاب السياسي. المعادلة تبدو من بعيد، مكافحة الإرهاب، وهو ما يعني تفويض الدولة لتكميم الأفواه، واعتقال المعارضين ودفن كل الشعارات التي رفعتها ثورة 25 يناير.

وبات عنوان مكافحة الإرهاب، الذي يتصدر واجهة التلفزة العمومية، عنوانا متداولا بكثافة لتبرير حجم القبضة الأمنية في مواجهة مختلف مظاهر مناهضة الانقلاب.

واختصارا، بات شعار مكافحة الإرهاب كقميص عثمان، يُرفع في كل مكان، لتعويم مسألة التضييق على المظاهرات والاعتقالات والقبضة الأمنية.

ولم يكد ينقضي شهران حتى بدأت دعوات من أطراف متعددة لمناشدة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي للترشح للانتخابات الرئاسية، وهو ما لمست تلميحات له منذ لقاءاتي في القاهرة مع أطراف مناهضة للإسلاميين. وهذا السيناريو يؤكد أن المخطط ليس وقتيا، وليس منتهيا بانتهاء عمل السلط المؤقتة، بل هو مشروع قابل للمواصلة تحت غطاء "شرعي "وتحت شعار "انقاذ الوطن."

مزيد من الخنق

ولعل ما يزيد من قناعتي إزاء إصرار الحكام الجدد على أن الأمر ليس مؤقتا، هو كيفية التعامل القانوني مع جماعة الإخوان المسلمين، فوضعها القانوني محلّ جدل واسع.

ومنذ 1954، تاريخ حلّ الجماعة من قبل جمال عبد الناصر، لا توجد صفة قانونية لجماعة الإخوان المسلمين، سواء كجمعية أو حزب. وبعد قيام ثورة 25 يناير، تم تأسيس حزب الحرية والعدالة، ويُعرّف بأنه الذراع السياسية-الحزبية للجماعة. وسارعت الحكومة لمخاطبة اتحاد الجمعيات لإبداء موقفه، الذي سارع بدوره بالموافقة بالإجماع على حلّ الجمعية بقرار حكومي، بعد عدم ردّ ممثلي الجمعية على الاتهامات الموجهة إليها، وفق ما ذكرت مصادر رسمية.

وعموما تتراوح الأخبار بين أن قرار الحل سيصدر في الأيام القادمة، أو أن القرار تم اتخاذه ولكن لم يتم الإعلان عنه بشكل رسمي. وبالتالي، هناك اتجاه عام نحو حلّ جماعة الإخوان المسلمين، وربّما تعكس الرغبة في حلّ الجماعة بقرار حكومي، دون انتظار قرار قضائي، حسبما هو مرّجح النزعة السياسية في حلّ الجماعة، مما يبين شاهدا على حجم تسخير جميع أدوات الدولة لمواجهة الأطراف الرافضة للانقلاب، وعلى رأسها جماعة الإخوان.

 لجنة إقصائية

ما يزيد من وضوح علامات الإقصاء الذي يتنافى مع أي نفس ديمقراطي، وتنفيذا لخريطة الطريق التي أعلن عنها السيسي، تم تشكيل ما يُعرف بلجنة الخمسين لتعديل الدستور، التي خلت اللجنة من أي تمثيل لحزب الحرية والعدالة رغم أن الحزب المذكور فاز باكتساح في انتخابات مجلس الشعب، كما فاز بالانتخابات الرئاسية.

واختصارا، إذا كان الدستور المعلّق هو مسلوق حينما تم عرضه للاستفتاء دون إجماع سياسي، فإن التعدي لن يختلف عليه في رايي، بل ربما سيكون أكثر سلقا، ذلك أن تركيبة التعديل اقصائية بالأساس.

ملاحظة: وجهة النظر الواردة تعكس رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي CNN بالعربية.



ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.

الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.